كتاب البيوع المحرمة والمنهي عنها

التبرع، ولهذا فإنه يجوز نقل الدم والتبرع به للغير، ويعتبر المتبرع قد فعل الحسن بسبب إنقاذه للمريض ودفع الهلاك عنه، وقد اشترط الفقهاء لهذا التبرع عدة شروط:
1- أن يكون المريض محتاجاً إلى نقل الدم، ويثبت ذلك بشهادة الطبيب العدل.
2 – أن يتعذر البديل الذي يمكن إسعافه به.
3- أن لا يتضرر الشخص المنقول منه الدم بأخذه منه.
4- أن يقتصر في نقل الدم على مقدار الحاجة، وذلك إعمالاًً للقاعدة الشرعية: "ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها"1.
وهذه نفس الشروط التي اعتبرها من قال بجواز نقل الأعضاء الآدمية من الحي ومن الميت على السواء.
وأما إذا لم يجد الإنسان من يتبرع له بالدم إلا بمقابل فإنه يجوز له دفع ذلك المقابل ويكون الإثم على الآخذ، وذلك لأن بيع الدم محرم شرعاً لما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام: "أنه نهى عن ثمن الدم"2 غير أنه قد أجيز للمريض دفع المقابل لرفع الأضرار عنه، وقد أوضح هذا الحكم الإمام النووي رحمه الله تعالى عند بيانه لأخذ الأجرة على فعل المحرم حيث قال: "وكما يحرم أخذ الأجرة في هذا يحرم إعطاؤها، وإنما يباح الإعطاء دون الأخذ في موضع ضرورة"3.
وجاء في فتوى رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف أنه "لا مانع من أن يُعطي المتبرع بالدم المقابل في صورة أغذية تعوضه عن الدم المأخوذ منه، وذلك بطبيعة الحال بعد أخذ الدم منه وليس قبله، فضلاً عن أنه لا يشترط قدراً معيناً وإلا صار بيعاً"4.
وقد صدرت في هذا الشأن فتوى المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي ونصت على أن "حكم أخذ العوض عن الدم، وبعبارة أخرى بيع الدم فقد رأى المجلس: أنه
__________
1 شرح القواعد الفقهية للزرقاء صفحة 133، الأشباه والنظائر للسيوطي 1 / 168.
2 الحديث رواه البخاري 2/780 وأحمد 4/308.
3 روضة الطالبين 5/194 – 195.
4 فتوى رئيس لجنة الفتوى بالأزهر بتاريخ 17/2/1989 م.

الصفحة 428