كتاب البيوع المحرمة والمنهي عنها

هو كل ما يصل إلى جوف الصبي عن طريق حلقة مثل الوجور، وهو أن يصب اللبن في حلقه، بل ألحقوا به السعوط، وهو أن يصب اللبن في أنفه، بل بالغ بعضهم فألحق الحقنة عن طريق الدبر بالوجور والسعوط.
ولم يخالف في هذا سوى الليث بن سعد1، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وإن كانت الرواية الأخرى موافقة لما عليه الجمهور.
وما انتهى إليه القول لدى عامة الفقهاء هو أنه تناول خمس رضعات "على خلاف في العدد" مشبعات، توجب التحريم بين المرضعة والرضيع، ويحرم بالتالي جميع ما يحرم بالنسب، وأنه لا فرق في ثبوت التحريم بالرضاع بين أن يرتضع الطفل من الثدي مباشرة أو أن يشرب لبن المرأة من زجاجة مثلاً بعد حلبه، حتى لو صار لبن المرأة جبنا أو مخيضا فإنه يثبت به التحريم عند الشافعية والحنابلة، وقال أبو حنفية: إذا صار جبنا أو مخيضا لا يثبت به التحريم لزوال الاسم، ولم يخالف في هذا سوى بعض العلماء كالليث بن سعد وبعض العلماء المعاصرين كالشيخ يوسف القرضاوي والشيخ عبد اللطيف حمزة مفتي مصر الأسبق، وذلك عند الكلام على بنوك الحليب.
وعلى هذا: وبناء على ما ترجح لدينا سابقاً من عدم جواز بيع لبن الآدميات، سداً لذريعة الاتجار خاصة وأن بنوك الحليب عليها محاذير كثيرة، وأنه لا ضرورة إليها لأنه قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب غالباً، فضلاً عن أن فيه عزوف النساء المترفات عن إرضاع أبنائهن، ولجوء الأمهات الفقيرات إلى حرمان أبنائهن من الإرضاع بسبب بيعهن لألبانهن فتزداد المخاطر على الأطفال، ولهذا كان الراجح هنا ما عليه الجمهور من القول بالتحريم من رضاعة لبن يجمع من أمهات متعددات ويبقى على هيئته أي دون تجفيفه.
وبناء على هذا وبمناسبة عرض موضوع بنوك الحليب للمناقشة من جانب مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة
__________
1 هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري، ثقة ثبت، فقيه إمام مشهور. راجع: تقريب التهذيب لابن حجر 287.

الصفحة 445