كتاب البيوع المحرمة والمنهي عنها

بطهارته، وذلك لحرمة الآدمي وعدم ابتذاله، أما بالنسبة لمن قال بنجاسة شعر الآدمي غير النبي صلى الله عليه وسلم، أومن قال بنجاسة شعر الكافر فقط، فمنع بيع الشعر ظاهر، لحكمهم بنجاسة الشعر، وكل نجس العين يمنع بيعه لعدم الانتفاع به. فقد جاء في الإنصاف: "وأما شعر الآدمي المنفصل في الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب طهارته قطع به كثير منهم، وعنه نجاسته غير شعر النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه نجاسته من كافر وهو قول في الرعاية واختاره بعض الأصحاب"1. وجاء في كشاف القناع: "ولا يجوز استعمال شعر الآدمي مع الحكم بطهارته لحرمته أي لحرمة احترامه ... "2.
الموازنة: من خلال مطالعة ما قاله الفقهاء بشأن بيع شعر الآدمي يتضح أن أغلب كتب الفقه لم تتعرض صراحة لحكم البيع مكتفية ببيان حكم الاستعمال والاتخاذ وحكم الطهارة، وأن حكم البيع عندهم قد خرج على هذا:
الحنفية: نصوا صراحة على حكم البيع، وقالوا بعدم جواز بيع شعر الآدمي مع قولهم بطهارته، وأن هذا المنع للبيع كان بسبب حرمة الآدمي وعدم ابتذاله، وأن البيع يتنافى مع تكريم الإنسان، والنص على عدم جواز البيع مقرون بعدم جواز الانتفاع، وأن محمد بن الحسن جوز الانتفاع وسكت عن البيع، وهذا لا يمنع أنه مع الجمهور في القول بعدم جواز البيع.
المالكية: خرجوا حكم بيع الشعر على إمكان القطع والاستخدام، ولما كان ذلك ممنوعاً عندهم كان بيع الشعر هو الآخر ممنوعاً لعدم ابتذال الإنسان وامتهانه.
الشافعية: يقولون بعدم جواز بيع شعر الآدمي الحي، وكذا الميت، تخريجاً على عدم جواز قطع أو استخدام أحد أعضاء الآدمي.
الحنابلة: قالوا بعدم جواز بيع شعر الآدمي الحي أو الميت عند من قال بطهارته بناء على أنه جزء من الآدمي المحرم باعتبار أصله، وبناء على من قال بنجاسته لغير الأنبياء أو من قال بنجاسته بالنسبة للكافر بناء على تلك النجاسة.
__________
1 المرداوي 1/94.
2 البهوتي 1/70.

الصفحة 449