كتاب البيوع المحرمة والمنهي عنها

بالمأخوذ منه1.
وعليه فالمستقر: هو القول بعدم جواز بيع شعر الآدمي، وكذا الانتفاع به، وذلك على نحو ما ذهب إليه عامة أهل العلم، تحقيقاً للحكمة الشرعية التي يقوم عليها صيانة الجسد الإنساني عن الابتذال، ولأنه بعض الإنسان منسوب إليه، وقد كرم الله الإنسان وحرم بيعه، فيكون بيع شعره حراماً كحرمته هو، فضلاً عن الأحاديث الدالة على لعن كل من الواصلة والمستوصلة.
هذا: بمراعاة أنه إذا دعت الضرورة إلى الانتفاع بشعر الآدمي للتداوي، كما هو الشأن بالنسبة لزرع شعر الآدمي في الرأس حماية للرأس من الظواهر الطبيعة، فإنه يجوز ذلك أعمالاً لقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"2، مع قاعدة "الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف"3، وبناء على هذا تكون سلطة الإنسان على شعره مقيدة في حالة الضرورة بالقدر المقرر شرعاً، وبشرط عدم تعدي هذا القدر الدافع للضرورة4 وأن هذا ليس بالبيع بل يكون عن طريق التبرع عملاً بقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} 5.
__________
1 قضايا فقهية معاصرة للسنبهلي صفحة 61 – 62.
2 قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 1/98 – 102.
3 الأشباه والنظائر للسيوطي صفحة 87.
4 نشرت مجلة منبر الإسلام الصادرة عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف الصادر في جمادى الأولى 1412? - نوفمبر 1991م فتوى لفضيلة الشيخ/عطية صقر صفحة 135 ونصها: هل يجوز لشاب مصاب بالصلع الشديد أن يجري عملية زرع شعر، أو يلبس شعراً مستعاراً "الباروكة"، أو يستخدم دهانات لتثبيت الشعر ونموه، حيث يسبب له الصلع حرجاً شديداً، ويؤثر على مظهره؛ الجواب: هذا العمل يدخل تحت حديث "لعن الله الواصلة والمستوصلة" متفق عليه، وخلاصة الحكم كما قال المحققون كابن الجوزي وغيره أن زرع الشعر إذا كان يدوم كالشعر العادي فلا غش فيه ولا خداع، أما إذا كان ينبت مؤقتاً لمدة قصيرة ثم يختفى فهو كالباروكة إن قصد بها التدليس والغش – عندما يريد الزواج مثلا أو قصد به فتنة الجنس الآخر بالوقوع في الإثم فهو حرام لا شك فيه، أما إذا لم يقصد شيئاً من ذلك فلا حرمة فيه.
5 سورة المائدة: الآية 2.

الصفحة 452