في ريش ذلك وشعره فيه هذا النزاع: هل يكون نجسًا؟ على روايتين عن أحمد إحداهما: أنه طاهر، وهو مذهب الجمهور كأبي حنيفة ومالك والشافعي؛ والرواية الثانية: أنه نجس، كما هو اختيار كثير من متأخري أصحاب أحمد، والقول بطهارة ذلك هو الصواب، كما تقدم.
وأيضًا: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - رخَّص في اقتناء الكلب الذي يكون للصيد والماشية والحرث (¬1)، ولابد لمن اقتناه من أن تصيبه رطوبة شعره، كما [يصيبه رطوبة] (¬2) البغل والحمار وغير ذلك؛ فالقول بنجاسة شعورها -والحال هذه- من الحرج المرفوع عن الأمة.
وأيضًا: فإن لعاب الكلب إذا أصاب الصيد لم يجب غسله في أظهر أقوال العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أحدًا بغسله ذلك، فقد عفا عن لعاب الكلب في موضع الحاجة وأمر بغسل في غير موضع الحاجة؛ فدلَّ على أن الشارع [وافق] (¬3) [على] (¬4) مصلحة الخلق وحاجتهم (¬5).
¬__________
(¬1) أخرج البخاري في "صحيحه" (2322) من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أمسك كلبًا فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط إلا كلبَ حرث أو ماشية". قال ابن سيرين وأبو صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إلا كلبَ غنم أو حَرْث أو صيد"، وقال أبو حازم عن أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلب صيد أو ماشية".
(¬2) في (خ): [يصيبهم].
(¬3) في (ف): [راعى].
(¬4) ليست في (د، ف).
(¬5) الفتاوى (21/ 616 إلى 620).