والمانع يقول: ذلك مثل سؤر الكلب، فإنه مع إباحة قنيته لما يحتاج فيه إليه نهى عن سؤره.
والمرِّخص يقول: الكلب إباحته للحاجة، ولهذا حَرَّم ثمنه، بخلاف البغل والحمار، فإن بيعهما جائز باتفاق المسلمين؛ والمسألة مبنية على آثار السباع وما لا يؤكل لحمه (¬1).
¬__________
والثاني: أخرج ابن أبي شيبة (1/ 131) من طريقين ضعيفين: أن عمر أتى على حوض من الحياض فأراد أن يتوضأ ويشرب، فقال أهل هذا الحوض: إنه تلغ فيه الكلاب والسباع، فقال عمر: إن لها ما ولغت في بطونها، قال: فشرب وتوضأ. وأخرج مالك في "الموطأ" (43) بإسناد صحيح عن يحيى بن عبد الرحمن ابن حاطب: أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضًا، فقال عمرو: يا صاحب الحوض، هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر: يا صاحب الحوض لا تخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا. ولكن هذا منقطع، فإن يحيى لم يسمع من عمر، وقد أخرجه الدارقطني في "سننه" (1/ 33) -وقرن أبا سلمة مع يحيى-، وابن المنذر في "الأوسط" (1/ 310)، وعبد الرزاق (1/ 76).
وحدث وهم في رواية عبد الرزاق حيث قال عن يحيى: أنه كان مع عمر في ركب فيهم عمرو، فجعل يحيى رفيق عمر في هذا الركب، لكن قال محققو نسخة المصنف (ط. العلمية): أن اسم يحيى ليس في أصل المصنف، وإنما زادوه من "الموطأ" و"السنن" للدارقطنى.
والثالث: أخرجه ابن القاسم في "المدونة" (1/ 6)، والدارقطني في "سننه" (1/ 31)، وابن الجوزى في "التحقيق" (1/ 66)، من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا بنحوه؛
وهذا إسناد ضعيف لضعف زيد، لكنه يعد شاهدًا جيدًا لحديث جابر.
(¬1) "الفتاوى" (21/ 621).