كتاب المسائل الماردينية

(فصل)
وأما طين الشوارع، فمبنيٌّ على أصل، وهو: أن الأرض إذا أصابتها نجاسة، ثم ذهبت بالشمس أو الريح ونحو ذلك، هل تطهر الأرض؟ على قولين للفقهاء، وهما قولان في مذهب الشافعي وأحمد [وغيرهما] (¬1).
أحدهما: أنها تطهر، وهو مذهب أبي حنيفة وغيره، ولكن عند أبي حنيفة يصلي عليها ولا يتيمم بها؛ والصحيح: أنه يصلي عليها ويتمم بها، وهذا هو الصواب؛ لأنه قد ثبت في (¬2) الصحيح عن ابن عمر: أن الكلاب كانت تقبل وتدبر وتبول في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك (¬3).
ومن المعلوم: أن النجاسة لو كانت باقية لوجب غسلها، وهذا لا ينافي ما ثبت في الصحيح: من أنه أمرهم أن يصبوا على بول الأعرابي الذي بال في المسجد ذَنوبًا من ماء (¬4)، فإن هذا يحصل به تعجيل تطهير الأرض، وهذا مقصود، بخلاف ما إذا لم يصب الماء، فإن النجاسة تبقى [إلي] (¬5) أن تستحيل.
¬__________
(¬1) سقطت من (خ).
(¬2) في (د، ف) زاد هنا كلمة: [الحديث]؛ وعدم إثباتها -كما في (خ) - أولى؛ لأن الحديث في صحيح البخاري، لذا فإطلاق القول بأنه في الصحيح، هو المناسب للسياق.
(¬3) أخرجه البخاري (174).
(¬4) أخرجه البخاري (220، 6128) من حديث أبي هريرة.
(¬5) في (د): [إلا].

الصفحة 91