كتاب الاستغاثة في الرد على البكري

غاية وراءها، والمقصد الأسمى، فهم يثبتون أن الأموات يعلمون الغيب؛ وأن لهم التصرف المطلق في الكائنات، وأنهم أحياء في قبورهم حياة كحياتنا؛ وأنهم يسمعون نداء المستغيثين بهم، كل ذلك ليجوِّزوا الاستغاثة بهم، ولذا قال بعض العلماء: "الاستغاثة بالأموات أُمُّ الشركيات" (¬1).
لذلك اهتم القبورية بهذه المسألة، وأوْلوها عنايتهم، وألفوا فيها المؤلفات عرضاً ورداً، وحسب ما يصل إلينا، وحسب ادعاء ابن النعمان في كتابه "مصباح الظلام"، فهو يعتبر أول كتاب في هذا الانحراف، أي في القرن السابع الهجري.
ومن المعلوم أن بدع القبور ظهرت في آخر القرن الثالث الهجري، في عهد الدولة البويهية الرافضية، فهذه البدعة بدأت متقدمة عند الرافضة، لأن أصل دينهم قائم على عبادة الأئمة، وقد تسربت فيما بعد إلى بعض المنتسبين إلى السنة.
لذا لن أذكر كتب الرافضة في هذه المسألة لأنها كثيرة، وسأقتصر على كتب القبورية فقط:
1 - "مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام في اليقظة والمنام"، تأليف (شمس الدين أبو عبد الله) محمد بن موسى بن النعمان المراكشي المزالي التلمساني الفاسي (ت سنة 683 هـ) (¬2).
وحسب علمي لم يطبع، وقد حصلت على نسخة خطية منه من قسم
¬__________
(¬1) جهود علماء الحنفية 2/ 1049.
(¬2) انظر: الأعلام للزركلي 7/ 118 ومعجم المؤلفين 12/ 68 طبعة الترقي بدمشق 1380 هـ، والمنخل لغربلة خرافات ابن الحاج في المدخل، تأليف د. محمد الخميس ص 22 - 23، الطبعة الأولى 1416 هـ، الناشر دار الصميعي الرياض - السعودية.
وفي كشف الظنون 2/ 1706 نسب هذا الكتاب لأبي الربيع سليمان بن موسى الكلاعي (ت 634 هـ)، وهذه النسبة لا تصح لأنه إمام محدث، وقد ذكر مترجموه أن له كتاب "مصباح الظلام" وأنه على غرار "الشهاب" في الحديث، فلعله اشتبه على صاحب كشف الظنون.
انظر: جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية، تأليف شمس الدين الأفغاني 2/ 1050.

الصفحة 48