كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام

كِتَابُ الطَّهَارَةِ
بَابُ الْمِيَاهِ
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ». أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ, وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لَهُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ. (1)
__________
(1) - صحيح. رواه أبو داود (83)، والنسائي (1/ 50 و 176 و 707)، والترمذي (69)، وابن ماجه (386) وابن أبي شيبة (131)، وابن خزيمة (111) من طريق صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة من آل بني الأزرق، عن المغيرة بن أبي بردة - وهو من بني عبد الدار- أنه سمع أبي هريرة يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ به؟ فقال صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي: «حسن صحيح». قلت: وهذا إسناد صحيح، وقد أعله بعضهم بما لا يقدح، كما أن للحديث شواهد، وتفصيل ذلك في «الأصل».
2 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ». أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ (1) -[6]- وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ. (2)
__________
(1) - صحيح: رواه أبو داود (66)، والنسائي (174)، والترمذي (66) عن أبي سعيد الخدري، قال: قيل: يا رسول الله (!) أنتوضأ (رواية: أتتوضأ) من بئر بضاعة، وهي بئر يلقى فيها الحيض، ولحوم الكلاب، والنتن؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .. الحديث. قلت: وهو حديث صحيح، وإن أعل بجهالة أحد رواته، لكن له طرق وشواهد أخرى يصح بها الحديث، كما تجد ذلك مفصلا «بالأصل». فائدة: قوله في الحديث: «وهي بئر يلقى فيها الحيض، ولحوم الكلاب، والنتن». قال الخطابي عن ذلك في «معالم السنن» (1/ 37): «يتوهم كثير من الناس إذا سمع هذا الحديث أن هذا كان منهم عادة، وأنهم كانوا يأتون هذا الفعل قصدا وعمدا، وهذا لا يجوز أن يظن بذمي، بل بوثني، فضلا عن مسلم! ولم يزل من عادة الناس قديما وحديثا؛ مسلمهم وكافرهم: تنزيه المياه، وصونها عن النجاسات، فكيف يظن بأهل ذلك الزمان، وهم أعلى طبقات أهل الدين، وأفضل جماعة المسلمين، والماء في بلادهم أعز، والحاجة إليه أمس، أن يكون هذا صنيعهم بالماء، امتهانهم له؟!. وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تغوط في موارد الماء ومشارعه، فكيف من اتخذ عيون الماء ومنابعه رصدا للأنجاس، ومطرحا للأقذار؟ هذا ما لا يليق بحالهم. وإنما كان هذا من أجل أن هذه البئر في صدور من الأرض، وأن السيول كانت تكسح هذه الأقذار من الطرق والأفنية، وتحملها فتلقيها فيها، وكان الماء لكثرته لا تؤثر فيه وقوع هذه الأشياء ولا يغيره».
(2) - نقله المنذري في «المختصر».

الصفحة 5