الذي بعثه «1» رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم الخندق ينظر إلى قريش، فجاء بخبر رحيلهم سئل رضي الله عنه أي: الفتن أشد؟ قال: «أن يعرض عليك الخير والشر، فلا تدري أيهما تركب «2» » ، وقال: «لا تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها «3» » .
__________
(1) عن بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم «حذيفة» «يوم الخندق ... إلخ» ذكره ابن هشام في «السيرة النبوية» - في غزوة الخندق- قال: قال ابن إسحاق: « ... فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما اختلف من أمرهم، وما فرق الله به من جماعتهم، دعا الله. أرأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلّم وصحبتموه؟! قال: نعم يا ابن أخي. قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كنا نجهد. قال: فقال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض، ولحملناه على أعناقنا. قال: فقال حذيفة: يا ابن أخي، والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالخندق، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم هويا من الليل، ثم التفت إلينا، فقال: «من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع- يشرط رسول الله الرجعة- أسأل الله- تعالى- أن يكون رفيقي في الجنة؟» فما قام رجل من القوم من شدة الخوف، وشدة الجوع، وشدة البرد، فلما لم يقم أحد، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني، فقال: «يا حذيفة اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون؟ ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا» . قال: فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لا تقر لهم قدرا، ولا نارا ولا بناء، فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش؛ إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون: ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا؛ فإني مرتحل. ثم قام إلى جمله، وهو معقول، فجلس عليه، ثم ضربه. فوثب به على ثلاث، فو الله ما أطلق عقاله إلا وهو قائم، ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم إليّ أن لا تحدث شيئا حتى تأتيني، ثم شئت لقتله بسهم. قال حذيفة: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يصلى في مرط لبعض نسائه ... فلما رآني أدخلني إلى رجليه، وطرح علي طرف المرط، ثم ركع وسجد، وإني لفيه، فلما سلم أخبرته الخبر، وسمعت «غطفان» بما فعلت قريش، فانشمروا راجعين إلى بلادهم» . اه: السيرة النبوية لابن هشام.
(2) أثر «حذيفة» - رضي الله عنه- «سئل، أي: الفتن ... » . ذكره ابن عبد البر في كتابه «الاستيعاب» ترجمة حذيفة 1/ 278.
(3) حديث «لا تقوم الساعة ... إلخ» . أخرجه البزار في مسنده «مسند عبد الله بن مسعود» 4/ 265- 266 رؤقم: 1434 بلفظ: ... عن ابن عمر، عن ابن مسعود- رضي الله عنهما- قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا تقوم الساعة ... » الحديث. قال البزار: وهذا حديث لا نعلم رواه عن النبي صلى الله عليه وسلّم إلا عبد الله بن مسعود، ولا نعلم له طريقا، عن عبد الله إلا هذا الطريق. و «حنش» هذا: اسمه «حسين بن قيس الرحبى» وقد روى عنه غير واحد «1/ 153/ 2» فقال: حسين بن قيس، «ولا نعلم أحدا، قال: حنش إلا التيمي» اه: مسند البزار. -