كتاب مستعذب الإخبار بأطيب الأخبار

(و) ثالث عشرهم (عمار بن ياسر) بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن حصين العنسي المذحجي، يكنى: أبا اليقظان، حليف لبني مخزوم «1» ، وكان عمار، وأمه «سمية» «2» ممن عذب في الله «3» ، ثم أعطاهم «عمار «4» » ما أرادوا بلسانه، واطمأن بالإيمان قلبه فنزلت فيه: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ «5» . وهاجر إلى أرض الحبشة «6» ، وصلى القبلتين، وشهد «بدرا» ، والمشاهد كلها، وأبلى ب «بدر» بلاء
__________
- وانظر: كتاب «الأدب المفرد» للبخاري 2/ 92 رقم: 237: عن علي. وانظر: «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي 1/ 148.
(1) حول اسم عمار وكنيته، ومحالفته، وسبقه ... وهجرته ... انظر: أ- «الاستيعاب» لابن عبد البر 2/ 476- 481. ب- «الإصابة» لابن حجر 2/ 512- 513 رقم: 5704. ج- «السيرة النبوية» لابن هشام 1/ 264. د- «الروض الأنف» للسهيلي 2/ 78.
(2) عن «سمية ... » قال السهيلي في «الروض الأنف» 2/ 78: «سمية بنت خياطة» أم ياسر كانت مولاة لأبي حذيفة بن المغيرة، واسمه: «مهشم» ، وهو عم «أبي جهل» ... إلخ اه: الروض.
(3) عن تعذيب آل ياسر قال ابن هشام في «السيرة النبوية» 2/ 68: قال ابن إسحاق «وكانت بنو مخزوم يخرجون عمار بن ياسر، وأباه، وأمه، وكانوا- أهل بيت إسلام- إذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاء مكة؛ فيمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيقول فيما بلغني: صبرا آل ياسر، موعدكم الجنة» . «فأما أمه فقتلوها، وهي تأبي إلا الإسلام ... » اه: السيرة النبوية.
(4) حول قوله: «وأعطاهم عمار ... إلخ» . قال السهيلي في «الروض الأنف» 2/ 77: فصل ذكر تعذيب من أسلم، وطرحهم في الرمضاء، وكانوا يلبسونهم أدراع الحديد، حتى أعطوهم بألسنتهم ما سألوا من كلمة الكفر إلا «بلالا» - رضي الله عنه- وأنزل الله فيهم إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ الاية، ونزل في عمار، وأبيه: إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً [سورة آل عمران، من الاية: 28] . ولما كان الإيمان أصله في القلب رخص للمؤمن أن يقول بلسانه إذا خاف على نفسه، حتى يأمن. قال ابن مسعود: «ما من كلمة تدفع على سوطين إلا قلتها ... » اه: الروض الأنف. وانظر: «الاستيعاب» لابن عبد البر 3/ 228.
(5) سورة النحل، من الاية: 106.
(6) حول هجرة «عمار إلى الحبشة ... إلخ» . قال الإمام السهيلي في «الروض الأنف» 2/ 80: «وشك ابن إسحاق في «عمار بن ياسر» هل هاجر إلى أرض الحبشة أم لا؟! والأصح عند أهل السير كالواقدي، وابن عقبة، وغيرهما: أنه لم يكن فيهم اه: الروض الأنف.

الصفحة 350