كتاب موطأ مالك رواية محمد بن الحسن الشيباني

٣٩٦ - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَدَّثَنَا، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ عَامَ حَجِّ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُمَا يَذْكُرَانِ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ: لا يَصْنَعُ ذَلِكَ إِلا مَنْ جَهِلَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ "، قَالَ مُحَمَّدٌ: القِرَانُ عِنْدَنَا أَفْضَلُ مِنَ الإِفْرَادِ بِالْحَجِّ، وَإِفْرَادُ الْعُمْرَةِ، فَإِذَا قَرَنَ طَافَ بِالْبَيْتِ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَطَافَ بِالْبَيْتِ لِحَجَّتِهِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ طَوَافٍ وَاحِدٍ، وَسَعْيٍ وَاحِدٍ، ثَبَتَ ذَلِكَ بِمَا جَاءَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ أَمَرَ الْقَارِنَ بِطَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ، وَبِهِ نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا
٣٩٧ - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: «افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ، وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِهِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ» ، قَالَ مُحَمَّدٌ: يَعْتَمِرُ الرَّجُلُ وَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ ثُمَّ يَحُجَّ وَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي سَفَرَيْنِ أَفْضَلَ مِنَ الْقِرَانِ، وَلَكِنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجِّ مُفْرَدًا، وَالْعُمْرَةُ مِنْ مَكَّةَ، وَمِنَ التَّمَتُّعِ، وَالْحَجُّ مِنْ مَكَّةَ، لأَنَّهُ إِذَا قَرَنَ كَانَتْ عُمْرَتُهُ، وَحَجَّتُهُ مِنْ بَلَدِهِ، وَإِذَا تَمَتَّعَ كَانَتْ حَجَّتُهُ مَكِّيَّةً، وَإِذَا أَفْرَدَ بِالْحَجِّ كَانَتْ عُمْرَتُهُ مَكِّيَّةً، فَالْقِرَانُ أَفْضَلُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا
بَابُ: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا وَهُوَ مُقِيمٌ
٣٩٨ - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ ابْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ، وَقَدْ بَعَثْتُ بِهَدْيٍ، فَاكْتُبِي إِلَيَّ بِأَمْرِكِ، أَوْ مُرِي ⦗١٣٩⦘ صَاحِبَ الْهَدْيِ، قَالَتْ عَمْرَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَا فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَبَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، ثُمَّ لَمْ يَحْرُمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ شَيْءٌ كَانَ أَحلَّهُ اللَّهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ "، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ عَلَى الَّذِي يَتَوَجَّهُ مَعَ هَدْيِهِ يُرِيدُ مَكَّةَ، وَقَدْ سَاقَ بَدَنَةً وَقَلَّدَهَا، فَهَذَا يَكُونُ مُحْرِمًا حِينَ يَتَوَجَّهُ مَعَ بَدَنَتِهِ الْمُقَلَّدَةِ بِمَا أَرَادَ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا، وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَلَّ لَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

الصفحة 138