كتاب الأزمنة والأمكنة

لو رآه رهبان مدين طاروا ... واستخف المطران والجاثليق
ولها مربع بطيبة لذّ ... ولها بالحمى مبدي أنيق
سلوة العيش والنّدى فإذا ... ما ودّعتها رواعد وبروق
سكنت دسكراتها وأطباها ... ظلّ عيش نضر العيون وريق
في رياض تحفّهنّ نخيل ... باسقات تعلى عليها الوسوق
وإذا أهل جنة حصّنوها ... حين تعرو نوائب وخفوق
ثلموها لابن السّبيل وللعا ... في ففيها للمعتقين طريق
ومن كلامهم: وقع في الأهيفين: أي الطّعام والشّراب. وسئل بعضهم ما أطيب العيش أو الأوقات؟ فقال: ما قلّ أذاه. وكثر جداه، أيام تربيع الحمى وقصيفه، ويريح من الهوى ظلّ المنى وريفه.
وحكى الأصمعيّ: موت لا يجرّ إلى عار خير من عيش في رماق: أي قدر ما يمسك الرّمق. وقال طرفة:
نحن في المشتاة يدعو الجفلى ... لا ترى الآداب فينا ينتقر
ويقال: فلان يدعو الجفلى والأجفل إذا عمّ بدعائه، وفلان يدعو النّقرى إذا خصّ قوما دون قوم، وقال كلّ الطّعام يشتهي ربيعة: الخرس والنقيعة. (الخرس) : للولادة.
(والأعذار) : للختان و (الوليمة) للعرس، و (النقيعة) : طعام القادم من سفره و (المأدبة) كلّ طعام صنع ودعي إليه و (الوكيرة) الطّعام يصنع عند بناء البيت وقال الشاعر:
فظللنا بنعمة واتّكأنا ... وشربنا الحلال من قلله
اتّكأنا طعمنا: ومنه قوله تعالى: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً
[سورة يوسف، الآية: 31] أي طعاما (القلل) جمع قلّة، وقال حرملة بن حكيم:
يا كعب إنك لو قصرت على ... حسن النّدام وقلّة الجرم
وسماع مدجنة تعلّلنا ... حتّى نؤوب تناوم العجم
لصحوت والنّمريّ يحسبها ... عمّ السّماك وخالة النّجم
ويروى على شرب المدام (المدجنة) الدّاخلة في الدّجن وهو اليوم المطير، وأراد حتى نؤوب نتناوم تناوم العجم، وكانوا لا ينامون إلّا على ضرب الأوتار وشرب الرّحيق.
وقال ابن الأعرابي: يقول لو أحسنت المنادمة لنادمتك حتى الصّبح إلى صياح الدّيكة.
قال: والنمريّ: هو كعب نفسه، أي لصحوت وأنت تحسب هذه المسمعة. كذلك في عظم

الصفحة 493