كتاب الأزمنة والأمكنة

النّحويون كلّهم، وجعلوا موهنا ظرفا وقد تكلّمت له وعليهم فيما عملته من شعر هذيل وأنشد سيبويه لعدي بن زيد:
أرواح مودّع أم بكور؟ ... أنت فانظر لأيّ حال تصير
قال: أراد ذو رواح أنت أم بكور فحذف. وقال سيبويه: معناه: انظر أنت فانظر وقال هذا يرتفع على الحد الذي ينتصب به على شيء ما بعده تفسيره، ومثال ذلك المنصوب إذا قلت زيد أضربته لأنّ المعنى أهنت زيدا ضربته. وقال شعرا:
ذكرتك لمّا أتلعت من كناسها ... وذكرك سبات إلى عجيب
قال: إلى بمعنى عند والسبة القطعة من الدّهر. وقال آخر:
أرى كلّ يوم زرتها ذو بشاشة ... ولو كان حولا كلّ يوم أزورها
يقول: أراد ولو كانت زيارتي كلّ يوم حولا. قال:
على حين عاتبت المشيب على الصّبا ... فقلت ألمّا أصح والشّيب وازع؟!
قوله: على حين بناه على الفتح أي في حين وأراد عاتبني المشيب فجعل الفاعل مفعولا. وقال الأصمعي في قول سحيم بن وثيل:
وإنّي لا يعود إليّ قرني ... غداة الورد إلّا في قريني
أراد: مع قرين أي مع أسير آخر أقرنه إليه، وقال غير الأصمعي: أراد بالقرين الحبل.
وقال متمّم بن نويرة:
فلمّا تفرّقنا كأنّي ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
قال: أراد مع طول اجتماع، وقيل: أراد كأن طول الاجتماع كان سبب التّفرق، لأنّ الشيء إذا تناهى عاد ناقصا. وقال آخر:
إنّ الرّزية لا رزيّة مثلها ... أخواي إذ قتلا بيوم واحد
أي في يوم واحد.
ومن القلب والإبدال قوله: كان لون أرضه سماؤه، أراد كان لون سمائه أرضه. قال الأعشى:
لقد كان في حول ثواء ثوية ... تقضّي لبانات ويسأم سائم

الصفحة 498