كتاب الأزمنة والأمكنة

بنات الدّهر لا يحفلن محلّا ... إذا لم تبق سائمة يقينا
يسير الضّيف ثم يحلّ فيها ... محلا مكرما حتى يبينا
فتلك لنا غنا والأجر باق ... فغضّى بعض لومك يا ظعينا ب
نات بناتها وبنات أخرى ... صواد ماصحين وقد روينا
ولأحيحة بن الجلّاح في مثله:
لقد لامني في اشتراء النّخيل ... قومي فكلّهم يعذل
وأهل الذي باع يلحونه ... كما عذل البائع الأوّل
هو الظلّ في الصّيف حقّ الظلّيل ... والمنظر الأحسن الأجمل
تغشى أسافلها بالجنوب ... ويأتي حلوبتها من عل
وتصبح حيث تبيت الرّعاء ... وإن ضيّعوها وإن أهملوا
ولا يصبحون يبغونها ... خلال الملا كلّهم يسأل
فعمّ لعميكم نافع ... وطفل لطفلكم يؤمل
وقال كعب بن زهير يذمّ الغنم، وقد اتّخذ مالا ومعيشة، شعرا:
يقول حيّان من عوف ومن جشم ... يا كعب ويحك لم لا تشتري غنما
من لي منها إذا ما جلبة أزمت ... ومن أويس إذا ما أنفه رذما
أخشى عليها كسوبا غير مدّخر ... عاري الأشاجع لا يشوي إذا ضغما
إذا تولّى بلحم الشّاة نبّذها ... أشلاء برد ولم يجعل لها وضما
إن يغد في شيعة لا يثنه نهر ... وإن غدا واحدا لا يتّقي الظّلما
وإن أغار فلا يحلى بطائلة ... في ليلة ابن جمير ساور العظما
إذ لا يزال فريش أو مغيبة ... صيداء تنشج من دون الدّماغ دما
الكسوب: يعني به الذّئب. لا يشوي: أي لا يصيب غير المقتل وقوله: لا يثنيه نهر:
أي نهار، يقال: ليلة نهرة أي مضيئة. وقوله: في شيعة: يعني أصحابه من الرّباب، وابن جمير: أظلم ليلة في الشّهر، وهي التي لا يطلع القمر فيها من أولها إلى آخرها. والعظم:
السّخال التي قد فطمت. يقول: جاء يطلب الكبار فلما لم يجدهنّ ساور الصّغار. والمغيبة:
التي قد دنت من الموت، وفيه بقية. والصّيداء: التي قد التوت عنقها وتنشج: أي ما لها نشج وصوت من الدّم.
قد ذكر بما اقتصّ كيف كان أصل خيل العرب، فأمّا النبي صلى الله عليه وسلم فكان له خمسة أفراس:
الظّرب- والسّكب- واللّزار- واللّجاف- والمرتجز، سمّي به لحسن صهيله.

الصفحة 519