كتاب الأزمنة والأمكنة

ثم خيل أصحابه كان لجعفر بن أبي طالب فرس أنثى يسمّى سبحة يقال اسمها سمحة، وكان عرقبها يوم استشهد وهو أول من عرقب الخيل في الإسلام، كانت تحته يوم استشهد في غزوة مؤتة. ولحمزة بن عبد المطلب فرس من بنات العقال قال فيه شعرا:
ليس عندي إلّا السلاح وورد ... فارح من بنات ذي العقال
أتّقي دونه المنايا بنفسي ... وهو دوني تغشى صدور العوالي
وفي هذا ألمّ بقول الآخر:
أقيه بنفسي في الحروب وتقي ... بها دية إنّي للخليل وصول
وكان تحت الزّبير بن العوام يوم بدر فرس يسمّى اليعسوب. وتحت المقداد بن الأسود فيه فرس يقال له: ذو العنق، ولأبي ذر فرس يسمى الأجدل، ولمحمد بن مسلمة فرس يسمّى ذا الجناح، ولعبّاس بن مرداس فرس يسمّى العتيد، ولعكاشة بن محصن فرس يقال له: أطلال كانت تحته يوم القادسيّة، وتحدث أنّ النّاس أحجموا عن عبور نهرها أو خندقها، وكان عرضها أربعين ذراعا، فصاح بها فخلفته وثبا، حتى قال أهل النظر: ذلك من معجزات النّبي صلى الله عليه وسلم.
وسبّاق: خيل العرب مشاهير. كأعوج الكبير، وأشقر مروان. والزّعفران فرس بسطام بن قيس، وثادف واليحموم وزهدم وإنّما المراد التّنبيه على مكاسب صميم العرب وفضلائهم، والإشارة إلى ما تنطوي عليه أيّامهم في الجاهلية وقبيل الإسلام، وفيمن صحب النّبي صلى الله عليه وسلم.
وأما فرسان العجم فلم يذكر لهم خيل ولا فرس سابق إلا أدهم اسفنديار- وشبديز كسرى- ورخش رستم- وذكروا عنها أحاديث ظريفة.
فأمّا الشجاعة والصّبر على المجاهدة فناهيك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما حكي عن قول القائل: كنّا إذا احمرّ البأس اتّقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وما قاله عبد الملك بن مروان في حديث عمرو بن ود. خرج عمرو يوم الخندق معجبا بخيلائه، فبرز له أبو الحسن فضربه ضربة سطحه بها، وكان لمثلها فعالا. وقيل لعلي: هل رأيت أحدا؟ قال: نعم الوليد بن عتبة كان حدثا، فضربته ضربة على رأسه فبدرت منه عيناه.
وممّا يشهد لما آثرناه عن العرب من حسن تفقّدهم للخيل، واشتغالهم بمصالحها واشتراكهم في إيثارهم إيّاها على أنفسهم، والتّوفر على مناقبها ومذامها لما يرجونه من جميل العقبى، منها: ما روي عن امرئ القيس وعلقمة بن عبدة العجلي. وذكر أنهما تنازعا فى الشّعر واحتكما إلى أم جندب، امرأة امرئ القيس، وادّعى كلّ منهما أنّه أشعر من

الصفحة 520