كتاب الأزمنة والأمكنة

فزجر في العقاب الخير ثم قال:
وقالوا حمام قلت حمّ لقاؤها ... وعادت لنا ريح الوصال تفوح
وقالوا تغنّى هدهد فوق ليلة ... فقلت هدى نغدو به ونروح
قال أبو العباس المبّرد: ولم أرهم زجروا في الغراب شيئا من الخير لكنّي سمعت بيتين أنشدهما بعضهم في المدح والتفاؤل به أحدهما:
نعب الغراب فرقّ بالمشتاق ... فدنا وصاح برؤية وتلاق
لا سلّ ريشك إذا نعبت بقربهم ... ووقاك من ريب المنيّة واق
والآخر:
نعب الغراب برؤية الأحباب ... ولذاك صرت أحبّ كلّ غراب
لا سلّ ريشك إذ نعبت بقربهم ... وسقيت من نام صبيب سحاب
وسكنت بين حدائق في جنة ... محفوفة بالنّخل والأعناب
ولم أسمع غير ذلك، ويقال للعائف الحازي، وكان أصل التّطير في الطّير، وكذلك الرّجز بأصواتها وعددها والتغلّي والتّنسف، ثم صاروا إذا عاينوا الأعور والأعضب والأبتر زجروا وزجروا بالسّنوح والبروح. وقد تقدّم فيه كلام وقال رؤبة:
يشقى به العرّان حتّى أحسبا ... سيدا مغيرا أو لياحا مغربا
اللّياح: الثّور الأبيض، وكانوا يتشاءمون بالمغرب وقال:
قد علم المرهتون الحمقى ... ومن تجزي عاطسا أو طرقا
ألا نبالي إذ بدرنا الشّرقا ... أيوم نحس أم يكون طلقا
وقال:
وقد أغتدي قبل العطاس بهيكل ... سديد مسك الجنب فعم المنطق
وقال:
وخرق إذا وجّهت فيه لغزوة ... مضيت ولم يحسبك عنه الكوادس
الكداس: العطاس وكانوا يتطيّرون منه. وكانوا إذا عطس العاطس قالوا: قد أنجمنا أي منعنا. وقال ابن الأعرابي: يقال: عطست فلانا النّجم أي أصابه الهلاك الذي يتطيّر فمات، قال والنّجم أيضا دويبة صغيرة. وقال ذو الرّمة:
ولا أبالي النّجم العواطسا

الصفحة 531