كتاب اللمع في أصول الفقه للشيرازي

خالف في شيء من ذلك بعد العلم فهو كافر لأن ذلك معلوم من دين الله تعالى ضرورة فمن خالف فيه فقد كذب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في خبرهما فحكم بكفره.
والثاني: ما لم يعلم من دين الرسول صلى الله عليه وسلم ضرورة كالأحكام التي تثبت بإجماع الصحابة وفقهاء الإعصار ولكنها لم تعلم من دين الرسول صلى الله عليه وسلم ضرورة فالحق من ذلك في واحد وهو ما أجمع الناس عليه فمن خالف في شيء من ذلك بعد العلم به فهو فاسق.
وأما ما يسوغ فيه الاجتهاد وهو المسائل التي اختلف فيها فقهاء الأمصار على قولين وأكثر فقد اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: الحق من ذلك كله في واحد وما عداه باطل إلا أن الإثم موضوع عن المخطئ فيه وذكر هذا القائل أن هذا هو مذهب الشافعي رحمه الله لا قول له غيره، ومن أصحابنا من قال: فيه قولان أحدهما: ما قلناه والثاني: أن كل مجتهد مصيب وهو ظاهر قول مالك رحمه الله وأبي حنيفة رحمه الله وهو مذهب المعتزلة وأبي الحسن الأشعري.
وحكي القاضي أبو بكر الأشعري عن أبي علي بن أبي هريرة من أصحابنا إنه كان يقول: باخرة أن الحق من هذه الأقاويل في واحد مقطوع به عند الله تعالى وأن مخطئه مأثوم والحكم بخلافه منصوص وهو قول الأصم بن علية وبشر المريسي. واختلف القائلون من أصحابنا أن الحق في واحد في أنه هل الكل مصيب في اجتهاده أم لا فقال بعضهم: إن المخطئ في الحكم مخطئ في الاجتهاد وقال بعضهم: أن الكل مصيب في الاجتهاد وإن جاز أن يخطئ في الحكم حكي ذلك عن أبي العباس واختلف القائلون بأن كل مجتهد مصيب فقال بعض أصحاب أبي حنيفة رحمه الله: أن عند الله عز وجل أشبهه مطلوب ربما أصابه المجتهد وربما أخطأ هـ ومنهم من أنكر ذلك والقائلون بالأشبه اختلفوا في تفسيره فمنهم من أبى تفسيره بأكثر من أنه أشبه.
وحكي عن بعضهم أنه قال: الأشبه عند الله في حكم الحادثة قوة الشبه بقوة الإمارة وهذا تصريح بأن الحق في واحد يجب طلبه. وقال بعضهم: الأشبه

الصفحة 130