كتاب اللمع في أصول الفقه للشيرازي

منها ما قال: فيها قولين في وقتين فقال في القديم: فيها بحكم وفي الجديد رجع عنه فهذا جائز بلا كلام لما وري عن علي كرم الله وجهه أنه قال كان رأيي ورأي أمير المؤمنين عمر أن لا تباع أمهات الأولاد ورأيي الآن أن يبعن وعلى الروايات التي عن أبي حنيفة رحمه الله ومالك رحمه الله فإنه روي عنهما روايات ثم رجعوا عنها إلى غيرها.
ومنها ما قال في وقت واحد هذه المسألة على قولين ثم بين الصحيح منهما بأن يقول إلا أن أحدهما مدخول أو منكسر وغير ذلك من الوجوه التي يعرف بها الصحيح من الفاسد فهذا أيضا جائز لتبيين طرق الاجتهاد إنه احتمل هذين القولين إلا أن أحدهما يلزم عليه كذا وكذا فتركته فيفيد بذلك تعلم طرق الاجتهاد كما قال أبو حنيفة رحمه الله: القياس يقتضي كذا وكذا إلا إني تركته للخبر.
ومنها ما نص على قولين في موضعين فيكون ذلك على اختلاف حالين فلا يكون هذا اختلاف قول في مسألة بل هذا في مسألتين فيصير كالقولين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضعين على معنيين مختلفين ومنها ما نص فيه على قولين ولم يبين الصحيح منهما حتى مات رحمه الله تعالى ويقال إن هذا لم يوجد إلا في سبعة عشر مسألة وهذا جائز لأنه يجوز أن يكون قد دل الدليل عنده على إبطال كل قول سوى القولين وبقي له النظر في القولين فمات قبل أن يبين كما رويناه في قصة عمر رضي الله عنه في أمر الشورى وكما قال أبو حنيفة رحمه الله في الشك في سؤر الحمار.
فصل
فأما إذا ذكر المجتهد قولا ثم ذكر قولا آخر بعد ذلك كان ذلك رجوعا عن الأول ومن أصحابنا من قال ليس ذلك برجوع بل هو تخريج للمسألة على قولين وهذا غير صحيح لأن الثاني من القولين يناقض الأول فكان ذلك رجوعا عن الأول كالنصين في الحادثة.

الصفحة 132