كتاب منجد المقرئين ومرشد الطالبين

واختاروها رضيه1 الأمصار الأخر من غير أن عرف فرد اختيار أحد الخمسة في عصره في مصره أو غير مصره فوافق ذلك رضا المسلمين كافة لما كان أهل الأمصار الخمسة أمهات أمصار المسلمين وكانت علماؤها رؤساء سائر ذوي العلم في الإسلام، فهذا كان وجه قبول الخمسة أولا من جهة السبعة، وصار بذلك قبول اختياراتهم على صورة الإجماع على أن الناس قد كانوا يؤلفون في القراءات فيما بعد الأئمة الخمسة فيقدمون فيها ما يشاءون عددا من الأئمة الخمسة وغيرهم، ولم يكونوا ممن يعرفون التسبيع بحال بل لو كانت الأئمة الخمسة شعارهم في مؤلفاتهم وذكروا من أحبوا من الأئمة ممن كان على منهاجهم زيادة على عدد من اتحدوا بحروفه على نحو ما تجده في كتاب أبي حاتم وأبي عبيد وغيرهما فإنك تجد في كل واحد عددا كثيرا من الأئمة وحروفهم تجاوز الخمسة والسبعة والعشرة والعشرين إلى أن نشأ بعدهما ابن مجاهد من الدين لأنه لم يكن ممن لحق أبا حاتم ولا أبا عبيد بل نقل عن أصحابها فأضاف في تأليفه حمزة بن حبيب الزيات وعلي بن حمزة الأسدي لفضل عنايتهما بالقرآن وعلمهما، وآثارهما في ذمتهما وصحتهما في روايتهما، ولكن جزأيهما مما وقع إتلاف بأستاذ وقته فلذلك ألحقهما بالخمسة سبع كتابه بهما، وهذا بعد أن تربص مدة من الدهر بتأليف كتاب السبع يترجح فيما بين تقديم علي بن حمزة الأسدي وبين يعقوب بن إسحاق فيه إلى رأي من أحب أن يقدم عليا على يعقوب كذلك، فلما تبع الأئمة الخمسة في كتابه لحمزة وعلى وقع ما تقدم في هذا الفصل من الشبهة ما بين العوام فتوهم بعضهم أن الأحرف السبعة ما اختاره من الحروف هؤلاء السبعة الذين جمعهم ابن مجاهد في كتابه فمن بعده من المؤلفين إلى أن رأى أولو البصائر أن يزيدوا على الأنفس السبعة من المختارين لإزالة تلك الشبهة عن القلوب العوام، ولم يزيدوا من الأئمة السبعة إلى الأئمة الخمسة الذين كانوا في الأصل لأن ذلك تهما لحمزة وعلي بعد أن ألحقهما ابن مجاهد ومن ألف بعد بالخمسة، فلما لم يمكنهم ذلك ورأوا أن العوام قد ينكرون ما جاوز اختيارات السبعة زادوا في العدد على ما نجده من الثمانية فصاعدا، وهذا الذي زدته عمن زاد الأئمة على السبعة مع العلة الآتي ذكرها الموجبة ذلك على التخمين قلته لا عن سماع سمعته لكني لم أقف إبراهيم تثمينا في التصنيف أو تعشيرا أو تفردا لإزالة ولو اجتمع عدد لا يحصى
__________
1 كذلك العبارة وهنا بياض يسير في الأصل لعله "رضيه أهل الأمصار" على ما يبدو للأستاذ الشيخ أحمد شاكر.

الصفحة 85