كتاب فهرسة ابن خير الإشبيلي

وَأما الْعرض على الشَّيْخ فَالْأَصْل فِيهِ حَدِيث ضمام بن ثَعْلَب الثَّابِت فِي الصَّحِيح أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمرك أَن تصلي الصَّلَوَات الْخمس قَالَ نعم الحَدِيث فَهَذِهِ قِرَاءَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أخبر بذلك ضمام قومه فَأخذُوا بِمَا أدّى إِلَيْهِم من ذَلِك وَاحْتج مَالك رَحمَه الله بالصك يقْرَأ على الْقَوْم فَيَقُولُونَ أشهدنا فلَان وَيقْرَأ الْقَارئ على الْقَارئ فَيَقُول أَقْرَأَنِي فلَان
وَقَالَ يحيى بن عبد الله بن بكير لما عرضنَا الْمُوَطَّأ على مَالك بن أنس رَحمَه الله قَالَ لَهُ رجل من الْمغرب يَا أَبَا عبد الله أحدث بِهِ عَنْك قَالَ نعم قَالَ وَأَقُول حَدثنَا مَالك قَالَ نعم أما رَأَيْتنِي فرغت نَفسِي لكم وَسمعت عرضكم وأقمت سقطه وزلله فَمن حَدثكُمْ غَيْرِي نعم حدثوا بِهِ عني وَقُولُوا حَدثنَا بِهِ مَالك
وَسَمَاع الْعرض على الشَّيْخ كالعرض سَوَاء لَا فرق بَينهمَا فِي الْمَعْنى وَأما المناولة فَالْأَصْل فِيهَا حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّحِيح حَيْثُ كتب لأمير السّريَّة كتابا وَقَالَ لَهُ لَا تقْرَأ حَتَّى تبلغ مَكَان كَذَا وَكَذَا فَلَمَّا بلغ ذَلِك الْمَكَان قَرَأَهُ على النَّاس وَأخْبرهمْ بِأَمْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد ناول أَمِير السّريَّة كِتَابه وَلم يقرأه عَلَيْهِ وَلَا عرضه أَمِير السّريَّة عَلَيْهِ ثمَّ إِن أَمِير السّريَّة قَرَأَهُ على السّريَّة فامتثلوا مَا فِي الْكتاب وَأخذُوا بِهِ وَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرضيه وَأقر عَلَيْهِ فَقَامَتْ بذلك الْحجَّة وَهَذَا قوي فِي أَمر المناولة جدا وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا مَا حدّثنَاهُ الشَّيْخ الْفَقِيه أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن مُحَمَّد رَحمَه الله قَالَ حَدثنَا الْفَقِيه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن فرج قَالَ حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد يُونُس بن عبد الله القَاضِي قَالَ حَدثنَا أَبُو عِيسَى يحيى بن عبد الله بن أبي عِيسَى عَن عَم أَبِيه عبيد الله بن يحيى بن يحيى عَن أَبِيه يحيى بن يحيى عَن مَالك بن أنس بن عبد الله أبي بكر أَن فِي الْكتاب الَّذِي كتبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم أَلا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر فَهَذَا الحَدِيث أصل فِي صِحَة الرِّوَايَة على وَجه المناولة لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَفعه إِلَيْهِ وَأمره بِهِ فَجَاز لعَمْرو بن حزم الْعَمَل بِهِ وَالْأَخْذ بِمَا فِيهِ
وَأما الْإِجَازَة وَكتاب أهل الْعلم بِالْعلمِ إِلَى الْبلدَانِ فقد اخْتلف فِيهَا فأجازها أَكثر أهل الْعلم كربيعة وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَعبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون وسُفْيَان الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَاللَّيْث بن سعد وَاخْتلفت الرِّوَايَة فِيهَا عَن مَالك رَحمَه الله وَالْأَشْهر عَنهُ جَوَازهَا وعَلى ذَلِك أَصْحَابه الْفُقَهَاء لَا يعلم أحد مِنْهُم خَالفه فِي ذَلِك
ومنعها بعض الْعلمَاء وَلَا تقوم على منعهَا حجَّة وَالدَّلِيل على جَوَازهَا مَا حدّثنَاهُ الشَّيْخ أَبُو الْحسن يُونُس بن مُحَمَّد رَحمَه الله قَالَ حَدثنَا أَبُو عمر أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحذاء

الصفحة 15