كتاب فهرسة ابن خير الإشبيلي

الطَّالِب وترغيبه فِي الْعلم وإلانة الْجَانِب لَهُ وَترك الْبُخْل عَلَيْهِ بالفوائد وَأَن يكون على الإفادة أَرغب من الطَّالِب فِي الاستفادة وَمِنْهَا أَن يتحَرَّى نقل الحَدِيث بِاللَّفْظِ الَّذِي سَمعه وَأَن يروي الْكتاب كَمَا عرضه على الشَّيْخ من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَلَا تَبْدِيل لفظ بِلَفْظ آخر
وَقد اخْتلف أهل الْأُصُول فِي نقل الحَدِيث على الْمَعْنى فَمَنعه قوم وحجتهم قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأداها كَمَا سَمعهَا فِي الحَدِيث الَّذِي تقدم وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الثَّانِي من حفظ على أمتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثا من السّنة حَتَّى يُؤَدِّيهَا إِلَيْهِم كنت لَهُ شَفِيعًا أَو شَهِيدا يَوْم الْقِيَامَة حَدثنَا بِهِ أَبُو مُحَمَّد بن عتاب وَغير وَاحِد قَالُوا حَدثنَا أَبُو عمر بن عبد الْبر قَالَ حَدثنَا أَبُو عمر أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ الْبَاجِيّ قَالَ حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم مسلمة بن الْقَاسِم إملاء من حفظه قَالَ حَدثنَا يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن حجر بعسقلان قَالَ حَدثنَا أَبُو أَحْمد حميد بن مخلد بن رنجويه قَالَ حَدثنَا يحيى بن عبد الله بن بكير قَالَ حَدثنَا مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حفظ على أمتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثا من السّنة حَتَّى يُؤَدِّيهَا إِلَيْهِم كنت لَهُ شَفِيعًا أَو شَهِيدا يَوْم الْقِيَامَة
وأباح النَّقْل على الْمَعْنى آخَرُونَ لَكِن شرطُوا أَن يكون النَّاقِل للْحَدِيث من أهل الْبَصَر بتبديل لفظ مَكَان لفظ قَالَ بعض شُيُوخنَا رَحِمهم الله وَهَذَا يَصح على قَول من يَقُول إِن فِي لُغَة الْعَرَب ألفاظا مترادفة على معنى وَاحِد كجاء وأتى وَذهب وَانْطَلق وَقعد وَجلسَ وَأما على مَذْهَب من يَقُول إِنَّهَا لَا تُوجد كلمة بِمَعْنى كلمة إِلَّا وَبَينهمَا فرق وَإِلَى ذَلِك كَانَ يذهب بعض شُيُوخنَا وَكَانَ يَقُول إِن قعد وَجلسَ وشبههما وَإِن اتفقَا فِي أصل الْمَعْنى فبينهما فرق فِي حَال الْمَعْنى وَهَذَا وَإِن اتجه لَهُ فِي بعض موارد الْكَلِمَات فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يَدعِي ذَلِك فِي كل لفظ وَقد قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَبَت إِنِّي قد جَاءَنِي من الْعلم مَا لم يأتك} فَلَو كَانَ بَين الْمَجِيء والإتيان فرق لم يستقم لِأَنَّهُ كَانَ يبْقى غير مَا أثبت وَقد ينْفَصل عَن هَذَا الْإِلْزَام بِأَن يَقُول بَقِي مَا أثبت من أصل الْمَعْنى وَلم يلْتَفت إِلَى اخْتِلَاف حَال الْمَعْنى
وَاعْلَمُوا رحمكم الله أَن الرَّاوِي إِذا روى الحَدِيث على إِحْدَى الْمَرَاتِب الْمَذْكُورَة فَلهُ أَن يَقُول حَدثنَا وَأخْبرنَا وأنبأنا أَي ذَلِك شَاءَ لَا فرق بَين هَذِه الْأَلْفَاظ عِنْد أَكثر أهل الْعلم وَإِلَى هَذَا ذهب أَبُو حنيفَة وَمَالك بن أنس وَأَبُو يُوسُف القَاضِي وَمُحَمّد بن الْحسن

الصفحة 20