كتاب أدب الاختلاف في الإسلام
العلماء في فهم النص لاختلاف احوال كلمة واردة فيه، وان لم يختلف معناها، كاختلافهم في قوله تعالى: (ولا يضار كاتب ولا شهيد) «البقرة 282» . حيث ذهب بعضهم الى أن المراد بها صدور الضرر من الكاتب والشهيد وذلك بأن يكتب الكاتب ما لم يمل عليه، ويشهد الشاهد بخلاف الواقع، ودليل هؤلاء قراءة ابن عباس رضي الله عنهما: (ولا يضارر كاتب ولا شهيد) .
وذهب آخرون الى أن المراد ووقوع الضرر عليهما، كأن يمنعا من اشغالهما ويكلّفا الكتابة والشهادة في وقت لا يلائمهما ودليل من ذهب الى هذا قراءة ابن مسعود رضي الله عنه: (ولا يضار كاتب ولا شهيد) فلما كانت اللفظة مدغمة في لغة تميم احتمل بناء الفعل للمعلوم، وبناؤه للمجهول، فحدث هذا الاختلاف وان كان فك الادغام لغة أهل الحجاز (¬113) .
والمتتبع لهذا النوع من أسباب الاختلاف يجد أمثلة كثيرة عليه في الكلمات المفردة. وفي التراكيب المختلفة وانواعها، وما يعرض لها من عموم وخصوص، واطلاق وتقييد واجمال وبيان، وغير ذلك.... ولعل فيما ذكرنا ما ينبه الى ما أغفلنا مما يمكن الاطلاع عليه في مظانه (¬114) .
¬_________
(¬113) يراجع التنبيه على أسباب الاختلاف (32 33) .
(¬114) نحو كتاب ابن السيد البطليوسي (التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين) .
الصفحة 109
179