كتاب أدب الاختلاف في الإسلام

(وأشار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم) فما أخذت عنهم شيئا، وإن أحدهم لو اؤتمن على بيت مال كان أمينا، إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، وقدم علينا ابن شهاب فكنا نزدحم على بابه» (¬131) .

ورجال تلك صفاتهم لم يكن ليقع بينهم كبير اختلاف، وإن وقع فمن أجل الحق، ولن يدس الهوى أنفه في خلاف لا يدعو إليه غير الحق ... وحتى نؤصل الآداب التي سار على نهجها كرام علمائنا، فنجعل منهم لنا القدوة الصالحة، وتكون خلالهم الكريمة تلك مثلا نحتذي به، نقدم نماذج من أدب الاختلاف بين كبار الأئمة من السلف الصالح رضوان الله عليهم.

أبو حنيفة ومالك:
مرّ معنا في استعراضنا لمذهب الأئمة الاختلاف الكبير بين أبي حنيفة ومالك رحمهما الله، وتباين الأسس التي يعتمدها كل منهما فيما يخص مذهبه؛ ولكن هذا لم يمنع، رغم فارق السن التي بينهما، أن يجلّ الواحد منهما صاحبه، وأن يكون معه على جانب كبير من الادب مع اختلاف مناحيهما في الفقه ... أخرج القاضي عياض في «المدارك» قال: قال الليث بن سعد: لقيت مالكا في المدينة، فقلت له: إني أراك تمسح العرق عن جبينك. قال: عرقت مع أبي حنيفة، إنه لفقيه
¬_________
(¬131) المرجع السابق.

الصفحة 122