كتاب أدب الاختلاف في الإسلام

سائر جسده ... » (¬15) فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يعذر المفتين هنا من اصحابه بل عنّفهم وعاب عليهم أنهم افتوا بغير علم واعتبرهم بمثابة القتلة لأخيهم، واوضح ان الجواب علي من كان مثلهم في «العي» أي الجهل والتحير السؤال لا المسارعة الى الفتوى ولو بغير علم والذي نبه اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حول ضرورة السؤال هو ما ورد في القرآن العظيم نفسه في قوله تعالى:
(فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) «النحل 43» .
واخرج الامام احمد والشيخان وأبو داود والنسائي والطبراني عن اسامة بن زيد قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا قلا: لا إلا اله الله، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقال لا إلا اله الله وقتلته؟!» قلت يا رسول انما قالها خوفا من السلاح. قال «أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا؟ من لك بلا إلا اله الله يوم القيامة؟» فمازال يكررها حتى تمنيت ان لم أكن اسلمت قبل ذلك اليوم. (¬16)
ففي الحديث الاول انكر رسول الله «ص» على الصحابة أخذهم بعموم الادلة الدالة على وجوب استعمال الماء لواجده بغض النظر عن حالته فهم لم ينتبهوا الى قوله تعالى:
¬_________
(¬15) سنن أبي داود «باب في المجروح التيمم» الحديث (336) واخرجه ابن ماجه الحديث رقم (572) وصححه ابن السكن، وانظر نيل الأوطار (1/323) .
(¬16) قد ورد باختلاف في بعض الفاظه فانظره في البخاري (7/398) .

الصفحة 44