كتاب أدب الاختلاف في الإسلام

عليه حتى جاء أبو بكر رضي الله عنه وقرأ على الناس قوله تعالى:
(وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاكرين) «آل عمران 144» وقوله تعالى:
(انك ميت وانهم ميتون) «الزمر 30» . فسقط السيف من يد عمر وخر الى الارض واستيقن فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي، وقال عن الآيات التي تلاها أبو بكر «كأني، والله، لم أكن قرأتها قط» (¬25) .
ويروي ابن عباس رضي الله عنهما عن سيدنا عمر رضي الله عنه انه قال في خلافته:
«ايا ابن عباس هل تدري ما حملني على مقالتي التي قلت حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلت: لا أدري يا أمير المؤمنين انت اعلم. قال: فانه والله ان كان الذي حملني على ذلك الا اني كنت اقرأ هذه الآية: (وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) «البقرة 143» . فوالله ان كنت لاظن ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيبقى في امته حتى يشهد عليها بآخر اعمالها، فانه الذي حملني على ان قلت ما قلت» (¬26) فكأنه رضي الله عنه قد اجتهد في معنى الآيات الكريمة، وفهم ان المراد منها: الشهادة في الدنيا،
¬_________
(¬25) تنظر الإحكام (2/125) وتفسير ابن كثير (4/52) وتحسن مراجعة تفسير الطبري (24/302) وسيرة ابن هشام (2/655) .
(¬26) سيرة ابن هشام (2/661، 666) وقد نقل عنه أنه قال نحو ذلك عند مبايعة الصديق في المسجد.

الصفحة 51