كتاب أدب الاختلاف في الإسلام

(إليه) فزعت فضربها الطلق، فدخلت دارا فألقت ولدها، فصاح الصبي صيحتين ثم مات. فاستشار عمر صحب النبي صلى الله عليه وسلم فاشار عليه بعضهم: أنه ليس عليك شيء، إنما أنت وال مؤدب، وصمت علي رضي الله عنه، فاقبل عليه عمر وقال: ما تقول؟ قال: إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم، وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحونا لك، أرى أن ديته عليك، فإنك أنت أفزعتها، والقت ولدها بسببك؛ فأمر عمر أن يقسم عقله (دية الصبي) على قومه (¬40) . وهكذا نزل عمر على رأي علي رضي الله عنهما ولم يجد غضاضة في العمل باجتهاده وهو أمر المؤمنين، وقد كان في رأي غيره له منجاة.

بين عمر وعبد الله بن مسعود:
عبد الله بن مسعود من اقرأ اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكتاب الله، ومن أعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان كثير من الصحابة يعدونه من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لكثرة ملازمته له، قال أبو موسى الأشعري:

«كنا حينا وما نرى ابن مسعود وأمّه إلاّ من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة دخولهم ولزومهم له) (¬41) . وقال أبو مسعود البدري مشيرا إلى عبد الله بن مسعد، وقد رآه مقبلا: «ما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك بعده أحدا أعلم
¬_________
(¬40) اخرج مسلم هذا الأثر في باب (دية الجنين) رقم (1682) وابو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم فانظر تعليقنا في المحصول (2/ق1/76) و (ق2/377) .
(¬41) أخرجه مسلم وانظر الإحكام لابن حزم (6/63) .

الصفحة 62