كتاب أدب الاختلاف في الإسلام
علي رضي الله عنه يقول عنه مروان بن الحكم: «ما رأيت أحدا أكرم غلبة من علي، ما هو إلاّ يوم الجمل فنادى مناديه ... ولا يذفف أي يجهز على جريح» (¬53) .
ويدخل عمران بن طلحة على علّي رضي الله عنه، بعدما فرغ من معركة الجمل، فيرحب به ويدنيه ويقول: «إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله عز وجل فيهم: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) (الحجر: 47) . ثم أخذ يسأله عن أهل بيت طلحة فردا فردا وعن غلمانه وعن أمهات أولاده ...
يا ابن أخي كيف فلانة؟ كيف فلانة؟ ويستغرب بعض الحاضرين ممن لم يحظوا بشرف صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يدركوا ماذا يعني أن يكون الإنسان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول رجلان جالسان على ناحية البساط: الله أعدل من ذلك، تقتلهم بالأمس وتكونون إخوانا في الجنة؟ فيغضب الإمام علي، ويقول للقائلين: «قوما أبعد أرض الله وأسحقها فمن هو إذا إن لم أكن أنا وطلحة، فمن إذن؟!» (¬54) .
ويسأل بعضهم أمير المؤمنين عليا عن «أهل الجمل» أمشركون هم؟ فيقول رضي الله عنه: من الشرك وفرّوا.
قال: أمنافقون هم؟ فيقول رضي الله عنه: إن المنافقين لا يذكرون الله إلاّ قليلا.
فيقال: فمن هم إذن؟ فيقول كرم الله وجهه؛ إخواننا بغوا علينا (¬55) .
¬_________
(¬53) حياة الصحابة (3/12) .
(¬54) طبقات ابن سعد (3/224) وحياة الصحابة (3/13) .
(¬55) أخرجه البيهقي في السنن (8/173) .
الصفحة 67
179