كتاب أدب الاختلاف في الإسلام

الى الحجاز كانتقال أفكار الحجازيين الى العراق، ومع ذلك فقد نجد الأئمة الثلاثة مالكا والشافعي وأحمد يشكلون منهجا متقاربا فيما بينهم وإن اختلفوا في بعض مناهج الاستنباط وطرائقه، على حين تميز الإمام أبو حنيفة عنهم في منهجه.

1 منهج الإمام أبي حنيفة:
بقي الإمام أبو حنيفة رمزا لمنهج مختلف عن مناهج الأئمة الثلاثة وبشكل ظاهر، فقواعد مذهبه كما بينها هو تتلخص بقوله: «إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات، فإذا لم أجد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت، ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم. فإذا انتهى الأمر الى إبراهيم والشعبي وابن المسيب (وعدّد رجالا) ، فلي أن أجتهد كما اجتهدوا» .
هذه هي الأصول الكبرى لمذهب أبي حنيفة، وهناك أصول فرعية أو ثانوية مفرعة على هذه الأصول أو راجعة إليها، وهي التي يبدو فيها لخلاف ويظهر، كقولهم: «قطعية دلالة اللفظ العام كالخاص» (¬91)
¬_________
(¬91) العام: هو اللفظة المستغرقة لجميع ما وضعت له كلفظة، «كل» و «جميع» ونحوهما.
الخاص: هو اللفظ الدال على معين كأسماء الاعلام ونحوها.

القطعي: هو ما يفيد القطع أي الجزم، وأحيانا تكون النصوص قطعية الدلالة وقطعية الثبوت كآيات القرآن الظاهرة، ونصوصه الصحيحة المحكمة، وأحيانا تكون النصوص قطعية الثبوت ظنية الدلالة، وذلك حينما تثبت بطريقة لا يقبل الاحتمال ويفيد القطع كآيات الكتاب والأحاديث المتواترة فإذا كان المعنى يحتمل أ: ثر من وجه كان ظني الدلالة على المعنى المحتمل، وذلك كقوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) فهذا نص قطعي لأنه قرآن منقول إلينا بالتواتر، لكنه ظني الدلالة على الطهر أو الحيض فإن العلماء قد اختلفوا في المراد بالقرء أهو الحيض أم هو الطهر، وبكل قال فريق.

الصفحة 91