كتاب وصف الفردوس لعبد الملك بن حبيب

فكان بعض العلماء يقولون: إنا نستحي من الأموات كما نستحي من الأحياء.
303- قال: وحدثني أسد بن موسى، وعبد العزيز الأوسي، عن إسماعيل بن عياش، عن أبي الزبير، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما أصيب إخوانكم بأحد جعل أرواحهم في طير خضر تروى من أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من نور في ظل العرش، فلما وجدوا طيب منقلبهم، ومطمعهم، ومشربهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لكي لا يزهدوا في الجهاد، فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى على رسوله محمد عليه السلام : {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون. فرحين بما ءاتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} إلى آخر الآية.
304-/ قال: وحدثني مطرف: وغيره، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده، ثم يبعثه)).
قال عبد الملك: تفسير يعلق: يصيب منها ويسرح فيها.
305- قال عبد الملك: وقد قيل: إن أرواح المؤمنين باقية موقوفة باقية قبورها، ولكن أرواح المؤمنين خالص دون أرواح الكفار والأشقياء الفجار، تطلع إلى قبورها، وموضع رميم أجسادها ذاهبة وراجعة في ملكوت الله، وسلطانه ثم تأوي إلى جنة المأوى تكرمة من الله لها، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم على أهل القبور، ويأمر بالتسليم عليهم، وبزيارتهم، وأما أرواح الأشقياء، فمحبوسة في سجين على شفير جهنم لا يؤذن لها باطلاع قبورها تضييقاً من الله عليها، وحبساً لها على شفير جهنم، وسأسوق في ذلك: ما بلغني علمه، وحضرني فهمه، وما توفيقي إلا بالله.
306- حدثني ابن المغيرة، عن مالك بن مغول، عن مطرف بن الشخير أنه

الصفحة 105