كتاب وصف الفردوس لعبد الملك بن حبيب

والشهداء، والصالحين، ومائة ألف من الملائكة المقربين يلقوني اليوم، ويصلون علي، ويسعون بي إلى الجنة، ثم أغمي عليه، فرفع يديه كأنه يصافح قوماً، ويقول: مرحباً مرحباً نعم نعم إن شاء الله إن شاء الله الآن الآن آتيكم آتيكم جئتكم جئتكم، ثم يضحك، ثم يقول مثلها ثم يضحك، ثم قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ثم مات. قال ابن غنم: فتعجلنا والله جهازته فلما فرغنا من دفنه رأيته بعد ثلاث ليال في منامي على فرس أبلق، وخلق كزحام أهل منى رجال بيض عليهم ثياب خضر على خيل بلق، وهو قدامهم يقول: {يا ليت قومي يعلمون. بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} ثم التفت على يمينه، وعلى شماله، ويقول: يا عبد الله بن رواحة، ويا ابن مظعون: {الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين} قال ابن غنم: ثم صافحني، وسلم علي، ثم انتبهت وأهلي يقولون: الصلاة فشق علي ألا يكونوا كفوا عني قليلاً، فأنعم، وأسر برؤيتهم أكثر من ذلك.
317- قال عبد الملك: وحدثني مطرف، عن مالك: أن عيسى ابن مريم عليه السلام مر بقرية قد تخرب بنيانها، وتغيرت أشجارها، وغارت.
يا خراب أين أهلك، وعمارك، فيسمع صوتاً يقول أبياناً.
قال عيسى: وما بلغهم من قبلك: قالوا: كانوا لا يأمرون بمعروف، ولا ينهون عن منكر.
قال عيسى: فما بالك أتيت من بينهم؟ قال: إني لم أكن منهم، وإنما كنت ماشياً على الطريق، فغشيني العذاب معهم، فروحي مع أرواحهم في سجين.
قال: أخبرني وما سجين؟ قال: صخرة سوداء تحت الأرض السابعة على شفير جهنم أعاذنا الله منها بمنه، وكرمه، والحمد لله وحده.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
في اليوم المبارك الثاني والعشرين من شعبان سنة أربع وتسعمائة من كتابة العبد الفقير المعروف بالعجز والله خير الراحمين أحمد محمد علام الله المحلي المالكي.

الصفحة 109