كتاب وصف الفردوس لعبد الملك بن حبيب

الكرسي، والسماوات يميناً، وشمالاً على الهوى حيث لا أرض، ولا سماء، لا يصف أحد قدره.
23- وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: ((يا أبا ذر ما السماوات والأرض في الكرسي إلا كحلقة ألقيت في ترس، وما الكرسي في العرش إلا كحلقة ملقاة بأرضٍ فلاة، ففضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة، وما السماوات السبع في الهوى حيث لا أرض، ولا سماء إلا كفسطاط ضربتموه في صحرائكم هذه/ يرى ذلك الفسطاط كل من في الصحراء)).
قال عبد الملك: والجنة فوق السماء السابعة فيما بينها وبين العرش، ألا ترى أن سدرة المنتهى فوق السماء السابعة، وقد قال الله في كتابه في إسرائه بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : {ولقد رءاه نزلةً أخرى. عند سدرة المنتهى} الآية.
24- ولقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، وما رأيت السدرة يغشاها ليلة أسري بك؟ قال: ((رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب، ورأيت ورقها كآذان الفيلة، ورأيت تمرها كقلال هجر))، فلقد أعلمنا الله عز وجل، أن الجنة المأوى هنالك فوق السماء السابعة، وتحت العرش، وإنما سميت جنة المأوى، لأن أرواح المؤمنين تأوي إليها.
قال عبد الملك، ثم الجنة بجميع ما فيها من جناتها ذاهبة في الهوى الذي تحت العرش من وراء السماوات، وخارجاً عنها يميناً، وشمالاً، والعرش سماء الجنة كلها، وهو من ياقوتة حمراء ليس بين الجنة، والعرش سماء غير العرش ألا ترى في قول الله تعالى: {في مقعد صدقٍ} يعني الجنة {عند مليكٍ مقتدرٍ} يعني عند الله، والله فوق عرشه، وهو تفسير قوله: {وفي السماء رزقكم وما توعدون} يعني الجنة، ويعني بالسماء الاستعلاء الذي فوق السماء السابعة فيما بينهما، وبين العرش، ثم هي ذاهبة/ في الهوى محيطة بالسماوات حيث لا أرض، ولا سماء إلا العرش.

الصفحة 12