إلى الرحمن وفداً} يعني: ركباناً، ولا يكون الوافد إلا راكباً، ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً يعني عطاشاً ذائبة ألسنتهم من العطش، فذلك قوله تعالى: {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً} يعني جماعة الأول فالأول، على قدر مسارعتهم إلى طاعة الله في الدنيا، كما قال الله عز وجل في كتابه: {وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم وجنةٍ عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}.
122- قال عبد الملك: فحدثني أسد بن موسى، عن إسرائيل بن يونس، عن جده، عن أبي إسحاق الهمداني، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن قول الله تعالى: {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً} قال: تسوقهم الملائكة الذين تلقوهم بالبشرى من الله، وبالكساء، والنجائب حتى إذا انتهوا إلى باب من أبواب الجنة وجدوا عند بابها شجرة يخرج من تحت ساقها عينان، فعمدوا إلى إحداهما كأنما أمروا بها فتطهروا منها فجرت عليهم نضرة، فلن تتغير أبصارهم بعدها أبداً كأنما دهنوا بالدهان، ثم عمدوا/ إلى الأخرى كأنما أمروا بها، فشربوا منها، فأذهب الله ما كان في بطونهم من أذى، أو قذى، أو غل، أو حسد، أو غمز، وتلقتهم الملائكة على أبواب الجنة يقولون لهم: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين.
123- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن السري، عن ابن يحيى، عن عبد الكريم بن رشيد قال: ينتهون أهل الجنة إلى الجنة، وإنهم ليتلاحظون تلاحظ النيران، فإذا دخلوها نزع الله ما في صدورهم من غل، وصاروا إخواناً على سرر متقابلين.
124- قال: وحدثني إسحاق بن صالح، وأسد بن موسى، عن ابن لهيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والثانية كأشد كوكب في السماء إضاءةً قلوبهم على قلب رجلٍ واحد لا اختلاف بينهم، ولا تباغض، ولا تحاسد)).