كتاب وصف الفردوس لعبد الملك بن حبيب

والفضة قاعدة تلك المعادن أفواهها في بطن كل واد منها أربع جنات، جنتان ذواتا أفنان، فيهما عينان تجريان، وفيهما من كل فاكهة زوجان، وجنتان مدهامتان فيهما عينان نضاختان، وفيهما فاكهة ونخل، ورمان، وحور مقصورات في الخيام لم يطمسهن إنس قبلهم، ولا جان، كأنهن الياقوت والمرجان، فإذا تبوؤوا منازلهم، واستقر قرارهم قال الله تبارك وتعالى لهم: هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ قالوا: نعم، وعزة ربنا. قال: فكيف/ وجدتم ثوابه؟ قالوا: رضينا، فارض عنا، قال لهم: برضائي عنكم نظرتم إلى وجهي، وسمعتم كلامي، وأحللتم داري، وصافحتكم ملائكتي، فهنيئاً لكم عطاء غير مجدود ليس فيها نصب، ولا لغوب، فيقولوا عند ذلك: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب، ولا يمسنا فيها لغوب)).
230- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن سليمان بن حميد قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: إذا فرغ الله من أهل الجنة وأهل النار، أقبل في ظلل من الغمام، والملائكة الكرام، فسلم عليهم في أول درجة فيردوا عليه السلام، قال القرظي: وبيان هذا في القرآن قوله تعال: {سلامٌ قولاً من ربٍ رحيمٍ} ثم يقول: سلوني، فيقولون: نسألك أي رب رضوانك، فيقول: رضائي أحللتكم داري، وجنتي، فيقولون: ربنا وما الذي نسألك فوعزتك وجلالك لو قسمت علينا، ورق الثقلين لأطعمناهم، ولأسقيناهم، ولألبسناهم، ولخدمناهم لا ينقص ذلك شيئاً، فيقول: إن لدي مزيد، قال: ثم يأتيهم التحف من عند الله تحملها الملائكة إليهم.
231- قال عبد الملك: وبلغني عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم /: ((إذا صار أهل الجنة إلى منازلهم من الجنة، ناداهم ربهم جل جلاله، وتقدست أسماؤه: يا أهل الجنة أرضيتم منازلكم، فيقولون: وما أنزلتنا منازل الكرامة، فلا نبغ عنها حولاً، ولا نبغ بها بدلاً، وإنا قد سمعنا الصوت، واشتقنا النظر إلى وجهك الكريم، فيقول الله للجنة التي بها موضع عرشه، وهي جنة عدن: خذي زينتك، واستعدي، فإن عبادي يريدون زيارتي، وأنا أريد أن أريهم وجهي الكريم، فتأخذ زينتها وتستعد، فيأتون رب العزة لزيارته، فيأذن لهم، فيدخلون عليه، وينظرون إلى وجهه الكريم العظيم الجليل، فيقولون: ربنا لك الحمد، ويخرون سجداً، فيقول الله عز وجل: عبادي ليس هذا حين

الصفحة 71