كتاب وصف الفردوس لعبد الملك بن حبيب

فتظلهم سحابة، فتمطر عليهم ما وجدوا مثله في شيء من الجنة، ولا من طيبها يزيدهم بذلك حسناً، وجمالاً، ثم يقول تعالى: عبادي سلوني ما شئتم أعطيكموه، فيقولون: ربنا نسألك رضاك، فيقول: قد رضيت عنكم الرضا كله، وبرضائي عنكم نظرتم إلى وجهي، وحللتم داري، فاسألوني ما شئتم أعطيكموه، فيتمنى كل رجلٍ منهم ما شاء، فيقول: ازدادوا، فيتمنون، فيقول: ازدادوا، فيتمنون، فلا يزالون يتمنون، ويعطون، فيقولون ربنا حسبنا، فيقول لهم: قد أعطيتكم أمنيتكم وعشرة أضعافها/، ولكم عندي من المزيد ما لم تبلغه أمنيتكم، ولم يخطر على قلوبكم، فيؤتون بذلك كله، فإذا فرغوا من ذلك عرضت عليهم خيل مقرنة على كل أربعة منها سرير من ياقوتة، وعلى كل سرير منها قبة من ذهب مفروغة، في كل قبة منها فراشان من فرش الجنة، وفي كل قبة جاريتان من الحور العين، فيأمر الله كل رجل منهم، فيتحول في قبة مع جاريته يعانقها، وتعانقه، ويهنئان بكرامة الله، ويأمر الله الملائكة فينصرفون بهم إلى منازلهم التي أعدها الله لهم في الجنة إلى قباب من در مجوفة محصنة بالدر، والياقوت، والزبرجد فيتلقاهم أزواجهم، وعليهن من كرامة الله، وحوادث نعمته أكثر مما فارقوهم عليه، فتقول كل زوجة منهم: مرحباً بحبيبي، فتضع فاها على فيه، وبطنها على بطنه، ثم تجيء الأخرى فتقول: مرحباً بحبيبي، ثم تأتي أخرى، فتقول مثل ذلك، ثم يقلن بأجمعهن، والذي كرمك يا ولي الله بالنظر إلى وجهه لقد ازددت في أعيننا حسناً، وكمالاً، وجمالاً، وبهاءً، فيقول: وأنتن، والله لقد زادكن الله حسناً، وكمالاً، وجمالاً، وبهاءً، فهذا لهم في مقدار يوم الجمعة مثل أيام الدنيا، وهو يوم المزيد في الجنة)).
233- قال عبد الملك: وحدثني ابن عبد الحكم، عن الليث بن سعد، عن أبي هلال، عن/ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أهل الجنة يرون الجبار تبارك وتعالى في مقدار يوم من أيام الدنيا، فيكون أقربهم من الله على منابر من ياقوت، ثم الذين يلونهم على منابر من زبرجد، ثم الذين يلونهم على منابر من لؤلؤ، ثم الذين يلونهم على منابر من ذهب، ثم الذين يلونهم على منابر من فضة، ثم الذين يلونهم على كثبان المسك، فبينما هم ينظرون في وجه الله تعالى الكريم العظيم الجليل، وينظر الله في وجوههم، إذ أقبلت سحابة حتى تغشاهم فأمطرت عليهم من النعمة، والكرامة

الصفحة 73