كتاب وصف الفردوس لعبد الملك بن حبيب

تعالى: {ومزاجه من تسنيمٍ. عيناً يشرب بها المقربون} قال قتادة: يشربون صرفاً، ويمزج منها لسائر أهل الجنة، وقال ابن عباس: من تسنيم، إنها التي قال الله فيها: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفى الله لهم من قرة أعينٍ جزاء بما كانوا يعملون}، وفي قوله تعالى: {عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً} قال قتادة: يؤتي أحدهم بإصبعه إليها، فتتبعه حيث شاء، وفي قوله تعالى: {وكأسٍ من معينٍ لا يصدعون عنها ولا ينزفون} قال قتادة: الكأس الخمر، لا يصدعون عنها قال: لا يصيبهم منها صداع ولا ملل، {ولا هم عنها ينزفون} يقول: لا تذهب عقولهم، ولا يسكرون منها، وفي قوله تعالى: {يطاف عليهم بكأسٍ من معينٍ. بيضاء لذةٍ للشاربين} قال قتادة: الكأس هنا الخمر بيضاء ليست خمراً كخمر الدنيا لا فيها غول، قال: لا يصيبهم منها وجع بطن، {ولا هم عنها ينزفون} يقول: لا يسكرون، والنزيف هو السكران الذي قد أنزف السكر عقله يعني ذهبت الخمرة بعقله، وفي قوله تعالى: {متكئين على رفرفٍ خضرٍ وعبقريٍ حسانٍ} قال قتادة: الرفرف المحابس، والعبقري: المرافق وقال الحسن مثله.
وفي قوله تعالى: {ويلبسون ثياباً خضراً من سندسٍ وإستبرقٍ} قال قتادة: السندس من الوشي، والإستبرق/ الديباج، وقال عكرمة مثله، وفي قوله تعالى: {فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون} قال قتادة: إن في السور الذي بين الجنة والنار كوى، فإذا أراد الرجل من أهل الجنة أن ينظر إلى عدوه من أهل النار كيف يعذب اطلع، فينظر إليه، وإن شاء نظر إليه، وهو متكئ على أريكته، وذلك أن الملائكة تأتي أهل النار، فيفتح لهم باباً من النار، وتناديهم ألا هلموا ألا هلموا فيذهبون مسرعين يجرون الأغلال، والسلاسل، ويجرون على وجوههم طمعاً في الخروج، فإذا قاربوا أغلق الباب دونهم، وأهل الجنة ينظرون إليهم، وهم متكئون على أرائكهم، فيضحكون منهم، فذلك قوله عز وجل: {فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون. على الأرائك ينظرون} وهو قوله أيضاً: {الله يستهزئ بهم} وهو قوله أيضاً: {يخادعون الله وهو خادعهم} وقوله تعالى: {قال قائل منهم إني كان لي قرينٌ. يقول أءنك لمن المصدقين. أءذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أءنا لمدينون. قال هل أنتم مطلعون. فاطلع فرءاه في سواء الجحيم} قال قتادة في وسط الجحيم قال: الجحيم قال: فوالله لولا أن الله عرفه به ما عرفه لقد تغير لونه، وشعره، قال: {تالله إن كدت لتردين. ولولا نعمة ربي لكنت من

الصفحة 77