كتاب وصف الفردوس لعبد الملك بن حبيب

وسمني كذا، وريحي كذا، وشربت من كذا، وكذا، فكل مني، ويقول غيره من الطير نحو ذلك أيضاً، فإذا أعجبه شيء مما يشتهيه وقع الطير في مائدته بين يديه على حال ما يشتهي، فيأكل على مائدته من كل لون سمناً مقدار أربعين سنة كلما شبع ألقي عليه ألف باب من الشهوة، ثم تأتيه الغلمان بالشراب على برد الكافور، وليس بهذا الكافور، وطعم الزنجبيل، وليس هذا الزنجبيل، وعلى ريح المسك، وليس بهذا المسك، فإذا شربه هضم ما أكل من الطعام، والشراب، ويعطى قوة مائة رجل شاب في الجماع، والشهوة، فيقيم في مجامعته مقدار أربعين عاماً في كل يوم مائة عذراء من الحور العين)).
247- قال: وحدثني ابن عبد الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم / قال: ((يدخل أهل الجنة الجنة أجمعون أعلاهم وأسفلهم، ونساؤهم على قدر واحد، فإذا دخلوها، وصاروا إلى منازلهم بعث الله منادياً ينادي: يا أهل الجنة أرضيتم منازلكم؟ فيقولون بأجمعهم: نعم، والله لقد أنزلنا ربنا منازلنا النعمة، والكرامة، فلا نبغي بها بدلاً، ولا عنها حولاً، رضينا ربنا جاراً، اللهم ربنا فإنا سمعنا مناديك فأجبناه بالقول الصادق، اللهم ربنا فإنا اشتهينا النظر إلى وجهك الكريم، فإنه أفضل ثوابنا عندك، فيأمر الله تعالى عند ذلك الجنة التي بها عرشه، ومحله، وهي دار السلام، فيقول لها: خذي زينتك، واستعدي لزيارة أوليائي، فتسمع لربها، وتطيعه، قبل أن ينقضي كلامه، فتأخذ زينتها، وتستعد لزيارة أولياء الله، ويأمر الله ملكاً من الملائكة أن أدع عبادي إلى زيارتي، فيخرج الملك من عند الرحمن، فينادي بأعلى صوته بصوت لذيذ ممدود: يا أهل الجنة، يا أولياء الله، زورا ربكم، فيسمع صوته أعلاهم، وأسفلهم، فيركبون الخيل، والنوق، فيسيرون في ظلال شجر الجنة في تلال مسك أبيض، وزعفران أصفر حتى ينتهون إلى الباب، ويسلمون ويدخلون، وينظرون إلى عرش الرحمن/ وكرسيه، إلى نور يتلألأ من غير أن يتجلى لهم، فيقولون: سبحانك ربنا قدوس، قدوس، رب الملائكة والروح، تباركت ربنا وتعاليت، أرنا ننظر إلى وجهك، فيقول الله عز وجل لحجاب النور الذي يتلألأ دونه: اعتزلي فيعتزل حجاب دون حجاب حتى يعتزل سبعون ألف حجاب كل حجاب هو أشد من الذي يليه بسبعين ضعفاً، فيتجلى لهم رب العزة تبارك وتعالى، فينظرون إلى وجهه الكريم العظيم الجليل، فيخرون له سجداً، فيقولون

الصفحة 82