كتاب وصف الفردوس لعبد الملك بن حبيب

وهم سجود: سبحانك ربنا، ولك الحمد والتسبيح أبداً، أنجيتنا من النار، وأدخلتنا الجنة، فنعم الدار ونعم القرار، ورضينا عنك الرضا كله، فارض عنا، فيقول الجبار تعالى: وأنا قد رضيت عنكم الرضا كله، ليس هذا حين عمل، ولكن هذا حين نضرة وسرور ونعيم، فسلوني أعطيكم، وتمنوا علي أزيدكم، فيتمنون في أنفسهم، وهم سجود أن يتم لهم ما أعطاهم من غير أن يتكلموا به، فيقول لهم الجبار تعالى: أنا معطيكم الذي تمنيتم، ولكم عندي من المزيد أضعافاً، فيرفعون رؤوسهم بالتكبير لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم إلى ربهم من شدة النور، فيقول لهم/ العلي الأعلى: مرحباً بعبادي، وأضيافي، وجيراني، وأحبائي، وأوليائي، وخيرتي من خلقي، وأهل طاعتي، فيأمر الله تعالى رب العزة بمنابر من نور، ودون تلك المنابر الكرسي من ذهب، ودون تلك الكراسي الفرش والنمارق المصفوفة، ودون تلك النمارق، الزرابي المبثوثة، فيقول الجبار تعالى: هلموا اجلسوا على كراماتكم، فيتقدم الأنبياء فيجلسون على تلك الكراسي، ثم الأمثل، فالأمثل على قدر المجالس، ثم يوضع لهم موائد من نور لكل مائدة منها سبعون لوناً مكللة بالدر، والياقوت، فيقول رب العزة لحفدته: أطعموا عبادي، فيأكلون من ذلك ما شاؤوا فيقول بعضهم لبعض: ما طعامنا الذي عند أهلينا عند هذا الطعام إلا حلم، ثم يقول رب العزة لحفدته: اسقوا عبادي، فيؤتون بشراب، فيشربون منه، فيقول بعضهم لبعض: ما شرابنا الذي عند أهلينا عند هذا الشراب إلا حلم، ثم يقول رب العزة لحفدته: أطعمتم عبادي وسقيتموهم، فكهوهم، فيؤتون بفاكهة، فيأكلون منها، فيقولون فيها مثل ما قالوا فيما قبلها، ثم يقول رب العزة: اكسوا/ عبادي، وحلوهم، فيكسون، ويحلون، فيقولون فيها مثل ما قالوا فيما قبلها، فبينما هم جلوس على كرامتهم إذ بعث الله عليهم ريحاً من تحت العرش، فتثير عليهم مسكاً هو أشد بياضاً من الثلج، فتغير ثيابهم، ورؤوسهم، ثم يقول لهم رب العزة: سلوني أزيدكم، فيقولون بأجمعهم: ربنا نسألك رضاك، فيقول لهم: إني قد رضيت عنكم يا عبادي فيخرون له سجداً بالتسبيح، والتهليل، والتكبير، فيقول لهم: عبادي ارفعوا رؤوسكم، فليس هذا موضع عبادة، ولكنه موضع نعيم، وسرور، فيرفعون رؤوسهم، ووجوههم مشرقة من نور ربهم، ثم يقول لهم رب العزة: انصرفوا إلى منازلكم، فيخرجون من عند ربهم، فتتلقاهم

الصفحة 83