{والذين ءامنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم}.
وقال أيضاً: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن/ أولئك رفيقاً} فجمعهم كلهم في الجنة، وذلك إنما هما منزلتان: جنة، ونار ممن شهد بأي وجه سعد به من طاعة الله بشهادة، أو غيرها في الجنة مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين إلا أن الدرجات منهم متفاضلة، ومن شقي بأي وجه شقي به من معصية الله فإلى النار مع من صار إلى النار من آل فرعون وغيرهم، إلا أن إدراكهم فيها مختلفة، وقد قال الله تعالى: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} ومن عصى الله إلى يوم القيامة، فهم من آل فرعون، كما أن من أطاع الله إلى يوم القيامة، فهو من آل محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد أبان الله عز وجل في هذه الآيات حياة الأرواح بعد الموت، وأنها غير ميتة، وقد روى مالك، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه الله يعلق نصيب منها، ولا يصيب منها إلا وهو حي غير ميت)).
قال عبد الملك: وإنما تخمد الأرواح كلها أرواح السعداء وأرواح الأشقياء في البرزخ بين النفختين نفخة الصعق، ونفخة البعث/ يقول الله عز وجل: {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في والأرض إلا من شاء الله} وقوله تعالى: {إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون} خمدوا عند الصعق، فدخلت الأرواح كلها في ذلك، وذلك لأنها أحياء عند ربها غير أموات إلا من استثنى بقوله: {فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} يعني الشهداء فإنهم لا يصعقون، ولا يخمدون، ولا يفزعون لتلك الصيحة التي صعق، وخمد من شر بها من في السموات، ومن في الأرض تفضيلاً من الله لهم، ومن أجل خمود الأرواح ما بين النفختين، قال الأشقياء منهم عند نفخة البعث، وهي النفخة الثانية التي يبعثون إلى الله فيها {ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون. قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} للراحة التي كانوا فيها فيما بين النفختين من العذاب الذي كانوا فيه قبل النفخة الأولى بما صعقوا بما صاروا إليه بعد النفخة الثانية التي بها حيوا، فلما واجههم العذاب قالوا: {يا ويلنا من بعثنا