كتاب شرح طيبة النشر لابن الجزري
الراشدين رضي الله عنهم مما حض عليه قوله: (صحت) أي ثبتت هذه السنة عند المكيين: أي أئمة أهل مكة من الفقهاء والقراء والمحدثين كما بينه في النشر قوله: (المكين) جمع مكي ذكره في مواضع كثيرة، والمراد بياء النسبة كما نبهنا عليه قبل، ويجوز حذفها عند العلم بها كما قرئ شاذا «في الأمّين رسولا» بحذف ياء النسب، فمن ذلك قول عقبة الأسدي:
* وأنت امرؤ في الأشعرين مقاتل* أي في الأشعريين فحذف ياء النسب قوله: (أهل العلم) هم عند الإطلاق علماء الفقه والتفسير والحديث، وألحق بهم بعض أئمة أصحابنا علماء القراءة أيضا، والله أعلم.
في كلّ حال ولدى الصّلاة ... سلسل عن أئمّة ثقات
أي من أحوال القراءة دراسة ورواية وغير ذلك، يعني وفي الصلاة، كما لو ختم القرآن مصليا يسن له ذلك عندهم، وسواء كانت الصلاة نفلا أو فرضا كما نقله عنهم في
النشر قوله: (سلسل) أي ورد مسلسلا على مصطلح الأئمة المحدثين، وهو أن يعاد لفظ كل راو في إسناد الحديث كما أسنده في النشر عن البزي قال: «قرأت على عكرمة بن سليمان، فلما بلغت والضحى قال لي كبر فإني قرأت على إسماعيل بن عبد الله القسط، فلما بلغت والضحى قال لي كبر على ابن كثير، فلما بلغت والضحى قال لي كبر فإني قرأت على مجاهد فأمرني لذلك، وأخبرني مجاهدا أنه قرأ على ابن عباس رضي الله عنهما فأمره بذلك، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب رضي الله عنه فأمره بذلك، وأخبره أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم فأمره بذلك (¬1)، والله سبحانه وتعالى أعلم.
من أوّل انشراح أو من الضّحى ... من آخر أو أوّل قد صحّحا
أي اختلفت الرواية عن المكيين هل هو من أول سورة ألم نشرح أو من سورة الضحى؟ والقائلون بأنه من الضحى اختلفوا أيضا؛ فمنهم من رواه من آخرها، ومنهم من رواه من أولها، وكل صحيح مأخوذ به، وذلك مبني على أن التكبير لأول السورة أو لآخرها كما بينه النشر، وعزا كل قول لقائله:
¬__________
(¬1) كتاب النثر في القراءات العشر للمؤلف رحمه الله تعالى. المجلد الثاني.
الصفحة 332
344