كتاب شرح طيبة النشر لابن الجزري

سورة الحمد لله رب العالمين وخمس آيات من أول سورة البقرة» على عدد الكوفيين، وهو إلى «أولئك المفلحون» لأن هذا اسم الحال المرتحل، ثم يدعو بدعاء الختم، وله فعله دلائل من آثار مروية وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخباره مشهورة مستفيضة جاءت عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم: عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا قرأ قل أعوذ برب الناس افتتح من الحمد ثم قرأ من البقرة إلى- وأولئك هم المفلحون- ودعا بدعاء الختم ثم قام» (¬1).
وادع وأنت موقن الإجابة ... دعوة من يختم مستجابه
أمر بالدعاء عقب الختم وهو مما أثره الخلف عن السلف، واستحبوه استحبابا مؤكدا تأكيدا شديدا، وقد ورد «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ختم القرآن جمع أهله» (¬2) وصح ذلك عن أنس رضي الله عنه، وثبت عن جماعة من أئمة التابعين أنهم كانوا يتحرون أوقات الختم فيحضرونها ويقولون الدعاء عند الختم مستجاب، وجاء في ذلك حديث كما ذكره الناظم؛ ولا شك أن ساعة ختم القرآن ساعة مشهودة عظيمة، فينبغي أن يدعي فيها بالأمور المهمة والكلمات الجامعة لخيرى الدنيا والآخرة وإصلاح المسلمين وتوفيقهم للطاعات وإصلاح ولاة الأمور وتوفيقهم للغزو ونصرة الدين قوله: (وأنت موقن) إشارة إلى الحديث الذي رواه الترمذي والحاكم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة (¬3) واعلم أن الله تعالى لا يستجيب دعاء من قلبه غافل لاه. قوله: (مستجابة) يشير إلى الحديث الذي رواه الطبراني في معجمه الأوسط عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ القرآن، أو قال: من جمع القرآن كانت له عند الله دعوة مستجابة، إن شاء عجلها له في الدنيا، وإن شاء ادخرها له في الآخرة» وروى البيهقي في شعبة من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «مع كل ختمة دعوة مستجابة» والله سبحانه وتعالى أعلم.
وليعتنى بأدب الدّعاء ... ولترفع الأيدي إلى السّماء
¬__________
(¬1) رواه أبو منصور الأرجاني في كتابه «فضائل القرآن».
(¬2) رواه البيهقي موقوفا لأنس ابن مالك لا مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم.
(¬3) رواه الترمذي والحاكم وقال: مستقيم الإسناد.

الصفحة 335