كتاب قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال في ضوء الكتاب والسنة
أكرمه الله يوم القيامة، ومن أهان سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أهانه الله يوم القيامة)) (¬1)؛ ولهذا قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله: ((لا يزال الناس بخير ما عظَّموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفّوا بهذين أفسد دنياهم وأخراهم)) (¬2).
25 - وقيل لأسامة بن زيد رضي الله عنهما: لو أتيت فلاناً (¬3) فكلَّمته، قال: ((إنكم لترون أني لا أُكلِّمُه إلا أُسْمِعُكم، إني أُكلِّمه في السِّر [وفي رواية لمسلم: والله لقد كلَّمته فيما بيني وبينه] دون أن أفتح باباً لا أكون أول من فتحه ... )) (¬4).
فقد استخدم أسامة - رضي الله عنه - أسلوب الحكمة مع الأمير العظيم عثمان - رضي الله عنه - وأرضاه؛ لِأَنَّ النصيحة لولي أمر المسلمين لا بد فيها من مراعاة مركزه، وحاله؛ لأن إنزال الناس منازلهم من صميم الحِكمة؛ ولهذا قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: ((وفي الحديث تعظيم الأمراء، والأدب معهم، وتبليغهم ما يقول الناس فيهم (¬5)؛ ليكفُّوا ويأخذوا حذرهم بلطفٍ،
¬__________
(¬1) أحمد، 5/ 48 - 49، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 5/ 215: رواه أحمد والطبراني باختصار، وزاد في أوله: ((الإمام ظل الله في الأرض ... ))، ورجال أحمد ثقات)). وحسنه الألباني كما تقدم، وفي صحيح الجامع، برقم 5987.
(¬2) تفسير القرطبي، 5/ 262.
(¬3) هو عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، كما في رواية الإمام مسلم، برقم 2989.
(¬4) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة النار وأنها مخلوقة، برقم 3267،ومسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله، برقم، 2989.
(¬5) وليس المراد تبليغهم ما يقول الناس فيهم على وجه النميمة والإفساد.