كتاب قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال في ضوء الكتاب والسنة
استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر - رضي الله عنه - لمّا جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك قال: ((نعمت البدعة هذه)) (¬1)، ومراده - رضي الله عنه - أن هذا الفعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت، ولكن له أصول من الشريعة يرجع إليها، فمنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحثّ على قيام رمضان، ويُرغِّب فيه، وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد جماعاتٍ متفرقة ووحداناً، وهو - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بأصحابه في رمضان غير ليلة، ثم امتنع من ذلك مُعلِّلاً، بأنه خشي أن يُكتب عليهم فيعجزوا عن القيام به، وهذا قد أُمِنَ بعده - صلى الله عليه وسلم - (¬2) ... ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر باتّباع سنة خلفائه الراشدين، وهذا قد صار من سنة خلفائه الراشدين (¬3).
والبدعة بدعتان: بدعة مُكفِّرة تُخرج عن الإسلام، وبدعة مُفسّقة لا تخرج عن الإسلام (¬4).
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان، برقم 2010.
(¬2) انظر: صحيح البخاري، كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان، برقم 2012، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم 761.
(¬3) جامع العلوم والحكم، 2/ 129.
(¬4) انظر: الاعتصام للشاطبي، 2/ 516.