كتاب التفسير والمفسرون في غرب أفريقيا (اسم الجزء: 2)

ويعزى ذلك للانتماء إلى مذهب أهل المدينة في الفقه والارتباط الشديد بها منذ العهود الأولى والرحلة منها وإليها.
وقد كان محمد بن برغوث القروي (ت 272 هـ) يدرس مختلف القراءات في جامع عقبة، ويتوسع في ذلك فأمره القاضي عبد الله بن أحمد بن طالب (ت 275 هـ) بالاقتصار على قراءة نافع. (¬1)
ولقد حفلت المنطقة بأئمة كبار من أئمة القراءات بل إن بعضهم كان المعول الذي عول عليه في هذا الفن سواء في المشرق أم في المغرب - وأعني بذلك أبناء المنطقة والداخلين إليها - والذي يعنينا هنا المفسرون منهم ونذكر على سبيل المثال: الإمام أحمد بن عمار المهدوي المولود بالمهدية ت 431 هـ صاحب الهداية والكفاية وغيرهما من كتب القراءات، والإمام مكي بن أبي طالب القيسي المولود بالقيروان ت 437 هـ صاحب المصنفات العظيمة في هذا العلم، ثم أبو عمرو الداني المولود بقرطبة ت 444 هـ صاحب التيسير الكتاب الذي يعتبر عمدة القراء من بعده، ثم الإمام الشاطبي المولود بشاطبة ت 538 هـ صاحب الشاطبية التي طار ذكرها في الآفاق. (¬2)
وأهمية القراءات ودورها في التفسير من الأمور المعلومة لدى المشتغلين بالقرآن وعلومه وقد اعتبر أهل العلم الإلمام بعلم القراءات من شروط المفسر الذي ينبري لتفسير كتاب الله وسير أغواره. (¬3)
وقال السيوطي: باختلاف القراءات يظهر الاختلاف في الأحكام ... (¬4)
وقال أيضا: وبالقراءات يترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض. (¬5)
وقد ذكر ابن الجزري ومن بعده السيوطي - وكلاهما قد دخل منطقتنا - فوائد
¬_________
(¬1) القراءات بإفريقية 281.
(¬2) وقد وصل الأمر بالبعض أن لا يثبت قرءانا إلا ما كان في الشاطبية والتيسير مما حدا بابن الجزري إلى تأليف كتابه النشر في القراءات العشر. (انظر المقدمة 1/ 54) ووصل الغلو في الشاطبية إلى أن قيل فيها كل بيت دخلته فصاحبه من أهل الجنة.
(¬3) انظر الإتقان 2/ 231، التفسير والمفسرون 1/ 267.
(¬4) الإتقان 1/ 108.
(¬5) الإتقان 2/ 232.

الصفحة 540