كتاب جمهرة مقالات أحمد شاكر (اسم الجزء: 1)

يعمل بيني وبينه، وكان في أدبه مسُّ هذا القلب؛ فمن هنا كنت أتلقى كلامه فأفهم عنه ما يكاد يخفى على من هو أَمثلُ مني بالأدب، وأَقْومُ على العلم، وأبصَرُ بمواضع الرأي" (¬1).
وفي سنة 1926 م، التحق محمود بالجامعة المصرية طالبًا في كلية الآداب: قسم اللغة العربية، لكن مكثه لم يَطُلْ في الجامعة، فقد نشب بينه وبين أستاذه طه حسين (¬2) خلاف حول منهج دراسة الشعر الجاهلي، وظهر له مدى انبهار أستاذه بالمناهج المنتزعة من ثقافات أخرى، واتكائه على نتائج البحث الاستشراقي دون إدراك صحيح للعلاقة بين المنهج والثقافة التي أَنْتجتْه (¬3).
وأفضى ذلك الخلاف إلى هجرته إلى الحجاز سنة 1347 هـ - 1928 م، وفي جدة أنشأ بناءً على طلب من الملك عبد العزيز آل سعود مدرسة جدة السعودية الابتدائية، وعمل مديرًا لها، ولكن ما لبث أن عاد إلى القاهرة في أواسط عام 1929 م. وانصرف إلى
¬__________
(¬1) تقدمة محمود شاكر لكتاب حياة الرافعي لمحمد سعيد العريان (ص 8).
(¬2) هو: طه بن حسين بن علي بن سلامة، حصل على الدكتوراه من السوربون في فرنسا سنة 1918 م، ولما عاد إلى مصر عُين محاضرًا في كلية الآداب بجامعة القاهرة. ثم كان عميدًا لتلك الكلية، فوزيرًا للمعارف، وقد كان من دعاة التغريب، ومن ذيول الاستعمار في مصر، توفي سنة 1354 هـ.
انظر: الأعلام للزركلي (3/ 231)؛ ومقال للدكتور زكي مبارك، بعنوان: الدكتور طه حسين بين البغي والعقوق، من كتاب البدائع (2/ 169)؛ والاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر للدكتور محمد محمد حسين (2/ 221).
(¬3) انظر: محمود محمد شاكر الرجل والمنهج، للقيَّام (ص 47).

الصفحة 16