كتاب جمهرة مقالات أحمد شاكر (اسم الجزء: 1)

تلقينا، وفيما قرأ لطلابه ومريديه كما يقرأ شيوخ العلم وأساطينه، ولكنه حين أراد أن يكتب هذا البحث، وجهه حرصه على تألف طلابه ورغبته في إقناعهم بفضل التشريع الإسلامي وجهة أخرى، أنسته شيئًا كثيرًا، وهو العالم الباحث الواسع الاطلاع.
ولقد جاء هو في كتابه (ص 128) في نصوص النهي عن القتل بحديث من الأحاديث الواردة في قتل المرتد، قال: "ومن الأحاديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلّا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة". وهذا حديث عبد الله بن مسعود في البخاري وغيره.
وقد جاء في معناه أيضًا حديث عثمان بن عفان، حين ثار به الثائرون وحصروه وأرادوا أن يقتلوه، فقال: (وبمَ يقتلونني؟ إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحل دم امرئ مسلم إلّا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسًا فيقتل بها". والله ما أحببت أن لي بديني بدلًا منذ هداني الله، ولا زنيت في جاهلية ولا في إسلام قط، ولا قتلت نفسًا، فبم يقتلونني؟ ". وأظن أن هذا صريح وواضح في أن عثمان ومن سمعه من الصحابة - وهم عرب يفهمون كلام العرب على وجهه وهم الذين حضروا التشريع وفهموا مقاصد رسول الله وأسرار الشريعة - فهموا أن الردة عن الإسلام وحدها موجبة لقتل المرتد، فما يظن واحد منهم

الصفحة 347