كتاب كنز الكتاب ومنتخب الأدب (اسم الجزء: 2)

لقد أطاعكَ منْ أرْضاكَ ظاهِرُه ... وقدْ أجَلَّكَ منْ يَعْصيكَ مُسْتَتِرا
ولمَّا أسر معاوية جميل بن كعب ومثل بين يديه قال: الحمد لله الذي أمكنني منك. ألست القائل يوم
الجمل:
أصْبحَتِ الأمّة في أمر عَجَبْ ... والمُلْكُ مَجْمُوعٌ غَداً لمن غلبْ
فقلتُ قولا صادِقا غير كذبْ ... إنَّ غدا تهلك أعلام العَرَبْ
قال: لا تَقُلْ ذلك فإنَّها مُصيبة. قال له معاوية: وأيُّ نِعْمةٍ أكبرُمنْ أنْ يكونَ الله قد أمْكنَني منْ رَجُل،
وأظْفَرَني بِرَجُل قتل في ساعةٍ واحدةِ عدّةً منْ حُماةِ أصْحابي. آضربوا عنُقَهُ. فقال: اللهُمَّ اشهد أنَّ
معاوية لم يَقتلني فيك ولا لأنَّكَ ترْضى قَتْلي على حُطامِ الدنيا؛ فإنْ فَعَلَ فافعل به ما هُوَ أهله؛ وإن لمْ
يفعل، فافعَلْ بهِ ما أنتَ أهْلُه. فقال معاوية: قاتلك الله لقد سببْتَ فأبْلَغْتَ في السَّبِّ، ودَعَوتَ فبالَغْتَ في
الدُّعاء. ثم أمر به فأطلق.
وتمثل معاوية بأبيات للنعمان بن المنذر ولم يقل النعمان غيرها فيما ذكر ابن الكلبي وهي:
تعْفو الملوكُ عنِ الجَلي ... لِ من الذُّنوب لِفَضْلها

الصفحة 511