كتاب كنز الكتاب ومنتخب الأدب (اسم الجزء: 2)

أشارتْ بِلَحْظ العينِ خِيفَةَ أهْلِها ... إشارةَ مَذْعُورٍ ولم تتكَلّمِ
فَأيْقَنْتُ أنَّ اللَّحظَ قد قال مرْحبا ... وأهلا وسهلا بالحبيب المتيَّمِ
ومثله قول الآخر أيضا:
أشارَتْ بعيْنها إشارة خائفٍ ... إلَيَّ حَذَارَِ الكاشحين فسلَّمتْ
فردَّ عليها الطَّرْفُ منِّي سلامها ... وأوْمَأ اليها بالهوى فتَبَسَّمت
وأنشَدني بعض الأدباء في المعنى:
إذا نحنُ خِفْنا الكاشحينَ ولَمْ نُطِقْ ... كَلاماً تَكَلَّمْنا بأعْيُننا سِرّا
فنقضي ولمْ يَعْلَمْ بِنا كل حاجة ... ولم نَكْشِف البَلْوى ولم نَهْتِكِ السَّتْرا
وقال أبو نواس الحسن بن هانئ في المعنى:
وحَثْحَثَتْ كأسها مُقَرطَقَة ... لوْ مُنِيَ الحُسْنُ ما تَعَدَّاها
تَجْمَع عيني وَعَيْنَهَا لُغَةٌ ... مُخالفٌ لَفْظُها لمَعْناها
إذا اقْتَضاها طرْفي لها عِدَةً ... عَرَفْتُ مَرْدودُها لِفَحْواهَا
يا لُغة تَسْجُدُ اللغاتُ لها ... ألْغَزَها عاشِقٌ وعَمَّاها
وهذا المعنى مليح بليغ. أراد باللغة: اللحظ، لأنه كلام الأعين. ومعنى

الصفحة 522