كتاب كنز الكتاب ومنتخب الأدب (اسم الجزء: 2)

وقال أيضا:
أطال ليلي الصدود حتى ... يَئستُ من غُرَّةِ الصَّباحِِ
كأنه إذْ دَجى غرابٌ ... قد حصر الأرض بالجناحِ
ومثله قول الآخر:
ألا ياليل هل لكَ منْ براحِ ... وهَل لأسير نَجْمِكَ من سَراحِ
ألا يا ليل طلت عليَّ حتَّى ... كأنك قدْ خُلقت بلا صباحِ
وذكروا أن أبا الوليد بن زيدون كان شديد الكَلَف بولادة قد جَعَلَ حُبَّها وَمَواصلَتها شِعاره وعناده،
وهي ولادة ابنة محمد بن عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان الناصر المتسمى من الألقاب
السلطانية بالمستكفي بالله. بويع له بالخلافة بقرطبة يوم السبت لثلاث خلون من ذي القعدة سنة أربع
عشرة وأربع مائة، وانقرضت مدة خلافته في جمادى الأخرى سنة ست عشرة، فيما ذكر أبو مروان
بن حيان. وكانت ولادة هذه من الأدب والظُّرفِ، والحَلاوَة واللُّطْفِ، واحدةَ نساء زمانها، وفذةَ وقتها
وأوانها، بحيث تخْتَلِس القلوب والألباب، وتُعيد الشيب إلي أخلاق الشباب، بِحُسنِ منظرٍ ومخْبر،
وعُذُوبَةِ موردٍ وَمَصْدرٍ، وجمالٍ فائقٍ في خَلْقها، وبراعة وذكاء في طبعها وخلقها، وكانَ

الصفحة 531