كتاب كنز الكتاب ومنتخب الأدب (اسم الجزء: 2)

وعقيقا. فأقمنا به، والشهب تغازلنا؛ والأفلاك تنازلنا؛ ووهب المنصور في ذلك اليوم ما يزيد على العشرين ألفاً، من صلات
متصلات، وأقطاع ضياع. ثم توحش الرئيس لذلك العَهْد وأفصح ما بين ضلوعه من الوَجْد. وأنشد:
سَقْياً لمنزلة الحِمَى وكثيبها ... إذ لا أرى زمنا كأزماني بها
وحكى الأستاذ أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي قال: دُعِيتُ إلى مَجْلِسِ أُنْسٍ؛ في
ليلة كأن سَمَاءها روضة، تفتحت النجومُ وسطها زُهراً؛ وتفجرت المجرّة خلالها نهراً. وشاحها اليُسْر؛
وسِوارُها البدْر. والمجلس قد احتشد به الأنس والطرب، وقرع فيه نبعُ السُرور بالغَرَب. فكان
كالشمس ضياء، وبدر التمام بهجة وبهاء، قد فَاحَ نَسيمُ رَنْدِهِ وَآسِه، ولاَحَ سِرَاجُ تَوَقُّدِ أَكْوَاسِه، وأبدت
سرور أباريقه أسرارها، وضمت عليه المحاسن أزرارها، والرَّاحُ يديرها غزال أَوْطَف، وَزَهْرُ
الأماني يُقْطَف، والحَدَثَان قد غَضَّ طَرْفه، والسرورُ قد نَشَرَ سَجْفه، فقلت مرتجلا:
يا رُبَّ لَيْلٍ قدْ هَتَكْتُ حِجَابهُ ... بزجاجة وَقادَةٍ كَالكَوْكَبِ
يَسْعى بها ساقٍ أَغَرَّ كَأَنها ... من خَدِّهِ وَرُضَابِ فيه الأشْنَبِ

الصفحة 561